في سنتها التشريعية الأخيرة.. حكومة أخنوش تستأنف عملها بعد العطلة الصيفية وسط انتقادات وبضغط ملفات التعليم والكوارث والتعيينات

admin26 أغسطس 2025آخر تحديث :
في سنتها التشريعية الأخيرة.. حكومة أخنوش تستأنف عملها بعد العطلة الصيفية وسط انتقادات وبضغط ملفات التعليم والكوارث والتعيينات


بعد عطلة صيفية امتدت لأسابيع، تجد حكومة عزيز أخنوش نفسها الخميس المقبل أمام أول مجلس حكومي في موسم سياسي قد يكون الفرصة الأخيرة قبل نهاية ولايتها، وهي عودة محمّلة بالانتقادات، إذ يترصدها الرأي العام والمعارضة البرلمانية باعتبارها حكومة بطيئة الخطى في الإصلاح منشغلة ببريق صورتها الدبلوماسية على الساحة الخارجية، بينما ملفات الداخل الملتهبة ما زالت تراوح مكانها وتثقل كاهل المواطنين.

ويأتي أول اجتماع للمجلس الحكومي بعد هذه العطلة يوم الخميس المقبل بالرباط، في ظرفية خاصة يتسم فيها المشهد الوطني بكثير من الانتظارات، سواء ما يتعلق بإصلاح قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، أو بترتيبات مالية وقانونية ذات صلة بالصندوق المحدث لمواجهة الكوارث الطبيعية، أو حتى بترسيخ الحضور الإفريقي للمغرب كمقر دائم لمنظمة رقابية قارية.

أما عن جدول أعمال المجلس الحكومي المرتقب، فسيفتح النقاش حول مشروع قانون يخص التعليم العالي والبحث العلمي، القطاع الذي ظل محورا للجدل في السنوات الأخيرة بسبب الحاجة إلى إصلاحات جذرية تتعلق بالحكامة، التمويل، والملاءمة بين الجامعة وسوق الشغل فالحكومة سبق أن التزمت، ضمن “خارطة الطريق 2022-2026″، بالرفع من جودة التكوين والبحث العلمي وتعزيز التعدد اللغوي في الجامعات.

 ورئاسة الحكومة نفسها أشارت مؤخرا إلى قرار استراتيجي يقضي بإدماج اللغة العربية في تدريس تخصصات الهندسة والطب والعلوم، وهو ما يُعتبر تحولًا في السياسة التعليمية بعد عقود من الاعتماد شبه الكلي على الفرنسية في هذه الشعب، هذا المشروع الذي سيُناقَش الخميس يُفترض أن يضع لبنة جديدة في مسار طويل، بدأ بإصلاح القانون المنظم للجامعات، ويمتد نحو إعادة الاعتبار للبحث العلمي كرافعة للتنمية.

وفي خطوة أخرى، سيتدارس المجلس الحكومي مشروع مرسوم يتعلق بتعديل المقتضيات المنظمة لـ”رسم التضامن ضد الوقائع الكارثية”، وهو رسم شبه ضريبي يُقتطع لتمويل صندوق التضامن المخصص للتدخل في حالات الكوارث الطبيعية وهذه الآلية برزت منذ سنوات عقب الزلازل والفيضانات التي عرفتها المملكة، وأكدت التجارب الأخيرة الحاجة إلى نظام أكثر فعالية للتعويض على المتضررين وضمان سرعة التدخل.

وبموازاة ذلك، سيناقش المجلس مرسوما آخر يحدد مقادير التعويضات المخصصة للساعات الإضافية التي يقوم بها أساتذة التعليم العالي وهو إجراء ظل موضوع شكاوى متكررة من طرف هيئة التدريس بسبب غياب تحفيزات كافية، ومن شأنه أن يسهم في تحسين ظروف العمل داخل الجامعات وضمان استمرارية الدروس والأنشطة العلمية.

وتحضر في جدول الأعمال كذلك اتفاقية ذات بعد دبلوماسي واستراتيجي، إذ يتعلق الأمر بدراسة اتفاق المقر الموقع في الرباط في 30 أبريل 2025 بين المغرب والمنظمة الإفريقية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الأفروساي)، قصد إنشاء مقرها الدائم في المغرب، سيما وأن استضافة المملكة لهذه المنظمة القارية تعزز مكانتها كمركز إقليمي للحوكمة المالية والرقابة العليا، وتأتي في سياق انخراط المغرب في دعم المؤسسات الإفريقية وتعزيز البعد القاري في سياسته الخارجية، كما المجلس سيُرفق هذا الاتفاق بمشروع قانون يوافق على المصادقة، في إشارة إلى عزم الحكومة الإسراع في استكمال المساطر الدستورية والقانونية المطلوبة.

وسيُختم الاجتماع بمناقشة تعيينات في مناصب عليا طبقًا لأحكام الفصل 92 من الدستور، ما يعني تحريك دواليب الإدارة عبر ضخ نخب جديدة في مواقع المسؤولية، وهي مسألة تحظى دائما بترقب إعلامي وبرلماني، نظرا لارتباطها بمفهوم تكافؤ الفرص والنجاعة التدبيرية، كما أشار بلاغ رئاسة الحكومة إلى أن اجتماعا خاصا سيُعقد بعد انتهاء المجلس لدراسة عدد من مقترحات القوانين، ما يوضح أن العودة الحكومية ليست عودة رمزية بعد العطلة، بل عودة عملية تستهدف تسريع الوتيرة التشريعية.

وبشكل عام، فإن هذا الاستئناف يتقاطع مع سياق عام يشهد على تراكم عدة ملفات مفتوحة منذ ما قبل الصيف فإلى جانب النقاش حول إصلاح التعليم، ما زالت الحكومة مطالبة بمتابعة التحديات الاقتصادية المرتبطة بارتفاع الأسعار العالمية وتأثيرها على القدرة الشرائية للمواطنين، فضلا عن التحديات المناخية التي فرضت على المغرب اعتماد سياسات استباقية في مجال تدبير الكوارث كما أنّها مطالبة بمواصلة تنزيل إصلاحات اجتماعية كبرى ضمن الورش الملكي للحماية الاجتماعية، خصوصًا توسيع التغطية الصحية وتعميم التعويضات العائلية.

وتجدر الإشارة إلى أن عودة الحكومة إلى نشاطها تأتي في وقت أعلنت فيه السلطات عن نجاح عملية “مرحبا 2025” الخاصة باستقبال أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، حيث وصل عدد الوافدين إلى أزيد من 1.5 مليون شخص حتى منتصف يوليو، بزيادة تفوق 13 في المائة عن السنة الماضية. هذا النجاح اللوجيستي والتنظيمي يعكس حيوية مؤسسات الدولة حتى خلال العطلة الصيفية، ويشكل خلفية رمزية لعودة الحكومة لاستكمال أجندتها السياسية والتشريعية.

مع دخول الحكومة المغربية سنتها الأخيرة، تتحول كل خطوة إلى امتحان سياسي مكشوف أمام الرأي العام، إذ تراكم الملفات الثقيلة التي لم تُحسم بعد، وتبدو العودة من العطلة الصيفية وكأنها بداية سباق مع الزمن، حيث الانتظارات أكبر من الوعود، وحيث المعارضة والشارع يترصدان أي تعثر جديد

وتواجه حكومة عزيز أخنوش أزمة الثقة، بعدما أبرزت استطلاعات الرأي الأخيرة أن غالبية المغاربة لم يعودوا يثقون في أدائها، عقب ارتباطها بالبطء في تنزيل الإصلاحات وغياب القرارات الجريئة التي تواكب حجم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فيما ومع اقتراب نهاية الولاية، يصبح استرجاع هذه الثقة مهمة شبه مستحيلة، خصوصا مع استمرار ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.

اقتصاديا، ورغم التوقعات الإيجابية بنمو يقارب 3,8٪ خلال 2025 و2026، فإن بنية الاقتصاد ما زالت هشة أمام الدين العمومي وغياب تحول صناعي عميق فالحكومة مطالَبة بأن تبرهن أنها قادرة على تجاوز دور “المنصة منخفضة الكلفة” نحو قاعدة إنتاجية وطنية حقيقية، وإلا ستظل رهينة المستثمر الأجنبي.

الملف الاجتماعي لا يقل ثِقلا، فالتعليم يلتهم أكثر من 87 مليار درهم سنويا دون نتائج نوعية إذ تحصى جامعات منهكة، أساتذة يشتكون من غياب التحفيز، وتسرب مرتفع يضع مستقبل أجيال على المحك، وفي القطاع الصحي، تكشف التقارير عن فعالية تقنية لا تتجاوز 70٪ داخل المستشفيات العمومية، ما يعكس أزمة حوكمة وموارد.

على الجانب المناخي، يعيش المغرب تحت ضغط جفاف متواصل أفرغ السدود وهدد الماشية والمحاصيل، حتى وصل الأمر بالملك إلى دعوة غير مسبوقة لعدم ذبح الأغنام في عيد الأضحى، وهي أزمة انعكاسات المغرب الأخضر التي تضرب الفلاحة والأمن الغذائي في العمق، وتضع الحكومة أمام امتحان تدبير استراتيجي للماء لا يحتمل المزيد من التأجيل.

التفاوتات المجالية بدورها ما زالت تُعرّي هشاشة النموذج التنموي، فبينما انخفض معدل الفقر الوطني إلى 6,8٪ سنة 2024، ما تزال الجهات الداخلية والقروية تعيش على وقع تهميش بنيوي في الخدمات وفرص الشغل، وهو ما دفع الملك مؤخرا إلى دعوة صريحة لمعالجة الاختلالات الترابية.

ولا يكتمل المشهد دون ذكر معضلة الفساد، فالمغرب لم يتجاوز سقف 37 نقطة في مؤشر مدركات الفساد، ما يكشف استمرار ثقافة غياب الشفافية في الصفقات العمومية وإضعاف ثقة المستثمرين والمواطنين على حد سواء، وكل هذه الملفات تجعل من السنة الأخيرة للحكومة أكثر من مجرد نهاية ولاية، بل اختبار وجودي ستحسم نتائجه في ما إذا كانت هذه التجربة ستُسجل كمرحلة إصلاح جريء، أم كولاية ضاعت بين الأزمات والتبريرات.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة