تتواصل في إسبانيا تداعيات الجدل السياسي حول برنامج تدريس اللغة العربية والثقافة المغربية “PLACM”، وهو برنامج تعتمده عدة جهات إسبانية منذ عقود، بتمويل وإشراف من المغرب، حيث تكشف التطورات الأخيرة عن قرارات متباينة بين الحكومات المحلية وتباين حاد في المواقف الحزبية.
وآخر تطورات هذه القضية، حسب صحيفة “إلكونفيدينسيال” الإسبانية، تتعلق بردود الفعل في كتالونيا عقب إعلان انطلاق حصص جديدة للغة العربية في إحدى المدارس بالإقليم، حيث أثار ذلك موجة احتجاج من التيارات الكتالونية المتطرفة، التي اعتبرت أن إدخال هذا البرنامج إلى المدارس العمومية يمثل “تهديدا للهوية الكتالونية”، على حد تعبيرها.
وأضاف المصدر نفسه، أن أولياء الأمور تلقوا بيانا يتضمن إعلانا أن الدروس ستنطلق في نهاية شتنبر، وستُقدم مجانا مرتين في الأسبوع لفائدة تلاميذ الصفين الخامس والسادس الابتدائي، بإشراف أستاذ تم تعيينه بتمويل من المغرب.
لكن هذه المبادرة، وفق الصحيفة الإسبانية المذكورة، لاقت رفضا صريحا من قوى اليمين المتطرف، التي اعتبرت أن “الحكومة الكتالونية تسمح بالترويج للغة العربية بينما تواجه الكتالونية وضعا صعبا”، وهو ما عبّر عنه نشطاء قوميون على منصات التواصل.
وحذرت سيلفيا أوريولس، زعيمة حزب “التحالف الكتالوني”، التي كانت من أبرز الأصوات المعارضة، (حذرت) من “عواقب وخيمة” على مستقبل المدارس الكتالونية، وهو خطاب وجد دعما بين ناشطين معادين للإسلام، وفق “الكونفدينسيال”.
غير أن هذا الموقف، وفق المصدر الإعلامي المذكور، قوبل بانتقادات داخلية من أولياء أمور اعتبروا أن البرنامج مجاني واختياري، وأن تعلم العربية يشكل قيمة مضافة ثقافية، وقد ذهب بعضهم إلى تسجيل أبنائهم معتبرين أن “كل لغة تمثل ثراء حضاريا يستحق التعلم”.
وقالت الصحيفة الإسبانية إن مصادر تعليمية في إسبانيا أكدت أن هذا البرنامج ليس جديدا، إذ تعود جذوره إلى اتفاقية التعاون الثقافي الموقعة بين مدريد والرباط سنة 1980، والتي تسمح بتدريس العربية للتلاميذ المغاربة المسجلين في المدارس الإسبانية.
في المقابل، تتخذ جهات إسبانية أخرى قرارات متباينة، ففي الوقت الذي أعلنت فيه مورسيا إلغاء البرنامج نهائيا قبل أسبوع، قررت الحكومة الأندلسية السير في الاتجاه المعاكس، حيث أكدت وزيرة التعليم ماريا ديل كارمن كاستييّو استمرار البرنامج في 95 مؤسسة تعليمية، معتبرة أنه “يعزز قيم التعايش والتنوع الثقافي”، ورفضت انتقادات فوكس التي وصفت البرنامج بأنه “أداة للانعزال”.
الوزيرة شددت في مداخلتها أمام برلمان الأندلس على أن المبادرة تتكامل مع برامج أخرى مثل تدريس الرومانية والبرتغالية والصينية، إضافة إلى البرامج الثنائية بالفرنسية والإنجليزية، مؤكدة أن الهدف هو بناء فضاء تعليمي قائم على الاحترام المتبادل.
ونقلت صحيفة “إلكونفيدينسيال” عن موقع “Verificat” الإسباني قوله بأن برامج مماثلة لتعليم لغات الأصل أُطلقت منذ 2004، وتشمل إلى جانب العربية لغات أخرى مثل البرتغالية والبنغالية والرومانية، مشيرا إلى أن هذه الدروس لا تؤثر على حصص الكتالونية أو الإسبانية الرسمية.
كما أن وزارة التعليم الإسبانية، حسب المصدر نفسه، تدرج بدورها هذه المبادرة ضمن برنامج “اللغة العربية والثقافة المغربية” المعتمد في 12 جهة، بينها كتالونيا، ويشارك فيه مئات التلاميذ في أكثر من 120 مؤسسة تعليمية.
وحسب المعطيات الرسمية الإسبانية، فإن الأساتذة المكلفين بهذه الدروس موظفون مغاربة يتم اختيارهم وتعيينهم من طرف وزارة التربية الوطنية المغربية عبر مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج.



