قرار مجلس الأمن ثمرة 26 سنة من العمل والحكمة الملكية المتواصلة

admin1 نوفمبر 2025آخر تحديث :
قرار مجلس الأمن ثمرة 26 سنة من العمل والحكمة الملكية المتواصلة


أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن القرار 2797 الصادر عن مجلس الأمن، الذي شكل بشرى للمغاربة وأعلن عنه الملك محمد السادس يوم أمس الجمعة، يمثل تتويجا لمسار طويل من العمل الممنهج والدبلوماسية المتأنية التي قادها الملك شخصيا على مدى 26 سنة.

وقال بوريطة، خلال حلوله ضيفا على القناة الثانية، مساء السبت، إن ما تحقق اليوم ليس وليد الصدفة، بل ثمرة مجهود استراتيجي متواصل من الملك محمد السادس منذ نهاية التسعينات، غير مسار قضية الصحراء المغربية بشكل جذري.

وأوضح الوزير أن سنة 1998 كانت نقطة انطلاق هذا التحول، حيث كان المغرب آنذاك يعيش في إطار “مخطط التسوية والاستفتاء” الذي كان يتضمن خيار الانفصال كأحد الاحتمالات المطروحة، غير أن الملك ومنذ توليه العرش، بدأ الاشتغال على بديل عملي ومستدام تمثل في مبادرة الحكم الذاتي، التي انطلقت ملامحها منذ 2004 وتم تقديمها رسميا سنة 2007 كإطار واقعي وذي مصداقية لحل النزاع الإقليمي.

وأشار بوريطة إلى أن العرقلة التي واجهت هذا المسار من الأطراف الأخرى دفعت الملك إلى تبني مقاربة جديدة قوامها الاشتغال الثنائي مع الدول، من أجل جعل مبادرة الحكم الذاتي مرجعا دوليا، قبل أن تصبح اليوم، كما قال الملك، خيارا تؤيده ثلثا الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعدما كانت بضعة دول فقط تدعمه في بداياته.

وأضاف أن الاعتراف الأمريكي سنة 2021 بمغربية الصحراء جاء تتويجا لتفاعل مباشر بين الملك والإدارة الأمريكية آنذاك، رغم أن ولاية الرئيس دونالد ترامب كانت في أيامها الأخيرة، مبرزا أن الملك تعامل مع هذا المسار بعزيمة ورؤية بعيدة المدى، إدراكا منه لأهمية اللحظة التاريخية.

وتابع بأن “الجميع كان يعتقد أن ذهاب ترامب سيطيح بالاعتراف، لكن الملك لم يكتف بالحفاظ عليه، بل عمقه وأرسى دعائمه مع إدارة بايدن، التي اعتبرت من القرارات القليلة التي أبقت عليها بعد رحيل ترامب، لما يتمتع به الملك والمغرب من مصداقية دولية”.

ولفت بوريطة إلى أن هذا المسار شهد أيضا تحولات نوعية في المواقف الأوروبية، حيث تمكن الملك من إحداث تغيير جذري في مواقف دول محورية على غرار إسبانيا التي غيرت موقفها سنة 2021، وألمانيا في السنة نفسها، وتلتهما فرنسا بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إلى المغرب في يوليوز 2024 والرسالة التي بعثها إلى الملك، وأخيرا بريطانيا في يونيو 2025.

وأكد المسؤول عينه أن “تصويت يوم أمس لم يكن فقط على مضامين قرار أممي، بل كان تصويتا على مغرب الملك محمد السادس، وعلى الإصلاحات التي قادها”.

وتحدث الوزير عن “مقاربة ملكية” متكاملة في إدارة التحديات الداخلية والخارجية، ترتكز على رؤية بعيدة المدى وأهداف استراتيجية واضحة منذ سنة 1999، حيث وضع الملك نقطة الوصول منذ البداية، في تعامله الجديد مع ملف الصحراء المغربية.

وأوضح بهذا الصدد أن هذه المقاربة قائمة على “التأني الاستراتيجي” الذي يتيح للأفكار والنضج السياسي أن يتبلورا في الوقت المناسب، قائلا: “ربما بدا للبعض أن الوقت يضيع، لكن الحقيقة أن الملك كان يهيئ الأرضية لتثمر في اللحظة المناسبة، وها نحن اليوم نجني الثمار”.

وشدّد وزير الخارجية المغربي على أن مقاربة الملك محمد السادس تعتمد على المصداقية والالتزام، وأنه “حين يلتزم، يفي بما وعد به”، مضيفا أن “هذه الثقة هي ما جعلت الولايات المتحدة وغيرها من القوى الكبرى تحافظ على مواقفها الداعمة للمغرب.

وبيّن أن المرحلة التي تلت الاعتراف الأمريكي مع إدارة ترامب شهدت انتقالا نحو العمل على الدول المؤثرة في أوروبا، فتم مباشرة بعد ذلك تغيير مواقف إسبانيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وهي القوى التي تدرك جيدا العمق التاريخي والجيوسياسي لقضية الصحراء المغربية.

كما تطرق الوزير إلى البعد الإفريقي في الدبلوماسية الملكية، مذكرا بأن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017 كانت ثمرة “معركة سياسية ودبلوماسية قادها الملك بنفسه، مشيرا إلى أن الملك قام بزيارات إلى تسع دول كانت تعترف بـ”الجمهورية الوهمية”، مثل إثيوبيا، تنزانيا، نيجيريا، زامبيا، جنوب السودان وغانا، واستطاع إقناعها بتغيير مواقفها.

واعتبر بوريطة أن هذا الانخراط الإفريقي منح المغرب دفعة قوية داخل القارة، وأعاد ترتيب أوراقه من موقع قوة، ليصبح اليوم فاعلا مؤثرا في قرارات القارة السمراء ومحيطها الإقليمي والدولي، مشددا على أن قرار الأمم المتحدة الأخير هو تتويج لمسار طويل من الدبلوماسية الملكية الرصينة.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة