قرار مجلس الأمن حول الصحراء فرصة تاريخية لنواكشوط لتغيير موقفها من الحياد الإيجابي إلى دعم هذا القرار – الصحيفة

admin6 نوفمبر 2025آخر تحديث :
قرار مجلس الأمن حول الصحراء فرصة تاريخية لنواكشوط لتغيير موقفها من الحياد الإيجابي إلى دعم هذا القرار – الصحيفة


 قال نائب رئيس حزب “الصواب” الموريتاني أحمد ولد عبيد، في تصريح خصّ بـ”الصحيفة”، إن حزبه سيستخدم كل وسائل الترافع والضغط المتاحة لحث الحكومة الموريتانية على تغيير موقفها مما تسميه “الحياد الإيجابي” نحو دعم القرار الأممي الأخير الصادر عن مجلس الأمن في 31 أكتوبر الماضي والذي كرّس مبادرة الحكم الذاتي المغربية كحلّ “جاد وواقعي” للنزاع المفتعل.

ولد عبيد أوضح في حديثه لـ “الصحيفة” أنه  وحزبه تابعا كغيرهم من السياسيين والمهتمين بالشأن المغاربي القرار الأممي الأخير، واعتبره يفتح الباب أمام حلّ عادل ونهائي لهذا النزاع، استنادًا إلى مبادرة الملك محمد السادس القائمة على الحكم الذاتي، موردا: “كما تابعت أيضا خطاب الملك محمد السادس بعد هذا القرار، والذي عبّر فيه عن تعامل إيجابي ومسؤول مع القرار، ودعوته الصادقة إلى حوار أخوي ومنصف مع الجزائر، ما يؤكد استعداد الملك والمملكة المغربية لحلّ هذا النزاع الذي دام قرابة خمسين سنة، والذي تبنّت فيه الحكومات الموريتانية المتعاقبة ما سمّته الحياد الإيجابي.”

وأضاف السياسي الموريتاني أن المرحلة الحالية لا تحتمل الجمود، وأن العالم يعيش زمن التكتلات الكبرى، مشيرا إلى أن إنهاء هذا الصراع المزمن سيتيح إعادة بناء اتحاد مغاربي قوي قادر على منافسة القوى الإقليمية والدولية.

 وأوضح في هذا السياق: “أعتبر أن نهاية هذا الصراع ستفتح الطريق أمام بناء اتحاد مغاربي سيكون من أكبر التكتلات وأقواها قارياً ودولياً، وسيصبح مغربنا الكبير قوة اقتصادية منافسة للقوى العالمية، وهذا ما نطمح إليه نحن في موريتانيا”. مضيفا: “القرار الأممي الأخير يمنح الحكومة الموريتانية فرصة تاريخية لتغيير موقفها من الحياد الإيجابي إلى دعم هذا القرار، بما يخدم مستقبل المنطقة بأسرها.”

وتابع ولد عبيد موضحا أن موقف الحكومة الموريتانية رغم ملاحظاته عليه، يبقى في جوهره موقفا متوازنا بين الجارتين المغرب والجزائر، لكنه يرى أن هذا التوازن بدأ يشهد تحوّلا في الآونة الأخيرة بفعل التقارب الموريتاني المغربي المتنامي، وهو ما قد ينعكس لاحقا على مستوى المفاوضات الإقليمية أو الأممية بشأن الصحراء.

وقال: “موقف الحكومة تطوّر نسبيا في الفترة الأخيرة نتيجة للتقارب الموريتاني المغربي، وبالتالي بإمكانه أن يتطور أكثر خلال المفاوضات المقبلة، خاصة إذا جرى استحضار المصلحة المغاربية الشاملة.”

وحين سُئل نائب رئيس حزب “الصواب” من “الصحيفة” عن احتمال ممارسة حزبه ضغطا سياسيا مباشرا على الحكومة من أجل تبنّي الطرح المغربي، خصوصا مع تصاعد الأصوات الموريتانية الداعية إلى إنهاء الحياد، أجاب بوضوح: “نحن في حزب الصواب هدفنا هو اتحاد مغاربي قوي يعبر عن آمال وآلام شعبنا المغاربي، وكل ما يقربنا من هذا الهدف يمكننا استخدامه سواء كان عملا دبلوماسيا أو ضغطا سياسيا أو ترافعا شعبيا، لأننا نؤمن بأن مستقبل موريتانيا في فضائها المغاربي الطبيعي.”

وأشاد ولد عبيد في تصريحه بمضامين خطاب الملك محمد السادس الذي ألقاه عقب صدور القرار الأممي، واصفا إياه بـ “الإيجابي والمنفتح”. وقال في هذا الإطار: “الملك محمد السادس قدّم في خطابه رؤية متوازنة وحكيمة، دعا فيها إلى حوارٍ أخوي وصادق مع الجزائر، وأكد أن المغرب حريص على إيجاد حلّ لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف وهذه رسالة ناضجة تؤكد أن الرباط لا تبحث عن الانتصار الرمزي، بل عن الاستقرار الدائم للمنطقة.”

وأشار القيادي الموريتاني إلى أن القرار رقم 2797 حول الصحراء المغربية يمثل تحولا جوهريًا في المقاربة الأممية للنزاع، موضحا أنه “يكتسي أهمية بالغة بالنسبة لاتحاد المغرب العربي الذي نحن بحاجة إلى إحيائه في زمن التكتلات القوية، لأنه يثبت أن الحل يستند إلى مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007، والتي لقيت دعما متزايدا من قِبل المجتمع الدولي.”

كما شدد ولد عبيد على أن إنهاء النزاع حول الصحراء سيسمح بإعادة تفعيل اتحاد المغرب العربي بدوله الخمس، وقال: “حين نضع حدا لهذا النزاع، سينظر إلينا العالم على أننا قوة اقتصادية واجتماعية مهمة، قادرة على التحدث بصوت واحد والدفاع عن مصالحها في المحافل الدولية.”

واعتبر نائب رئيس حزب “الصواب” أن قرار مجلس الأمن يشكّل بداية مسار تفاهم جديد، داعيا النخب السياسية والمجتمعية المغاربية إلى الاضطلاع بدورها في دعم التقارب بين شعوب المنطقة.

 وقال في ختام حديثه: “القرار الأممي ليس مجرد نص أممي، بل هو دعوة مفتوحة إلى العقل المغاربي كي ينهض من سباته الطويل على الطبقة السياسية والنخب في بلداننا أن تتجاوز الحسابات الضيقة وتعمل بجدّ لإحياء الاتحاد المغاربي، لأن هذا هو مستقبلنا المشترك الذي لا مفرّ منه.”

وعلى امتداد خمسة عقود، ظلّ الموقف الموريتاني من نزاع الصحراء يتأرجح بين الحذر الدبلوماسي والتوازن الجغرافي، محكوما باعتبارات الأمن والروابط الاجتماعية والضغوط الإقليمية فمنذ انسحاب نواكشوط من الإقليم سنة 1979، تبنّت الدولة سياسة “الحياد الإيجابي” كخيار استراتيجي يجنّبها الاصطفاف بين الرباط والجزائر، ويمنحها هامشا للحركة في محيط متقلّب تحكمه حساسيات التاريخ وحدود الرمال لكن هذا الحياد الذي كان في الماضي درعا واقيا أصبح اليوم عبئا دبلوماسيا مع تغيّر ميزان القوى في المنطقة وصعود المغرب كفاعل إقليمي مؤثر يفرض واقعه على الأرض.

وفي السنوات الأخيرة، أظهرت نواكشوط ميلا متزايدا نحو التعاون العملي مع المغرب، سواء في مجالات التجارة والنقل والربط الطرقي، أو عبر التنسيق الأمني في منطقة الساحل، دون أن تعلن رسميا أي تحوّل في الموقف من ملف الصحراء. 

ويقرّ مراقبون موريتانيون بأن الحدود بين الحياد والدعم باتت أقل وضوحا، وأن الخطوات الاقتصادية المتسارعة بين البلدين تحمل في طياتها رسائل سياسية، فكل طريق جديد يربط الداخلة ببير أم كرين أو كل اتفاق لوجستي يعزز المبادلات التجارية، يُعيد رسم موازين النفوذ في الجنوب الغربي للصحراء الكبرى.

في المقابل، لا تزال السلطات الموريتانية تتفادى الخطاب التصادمي، وتصرّ على دعم “جهود الأمم المتحدة من أجل حل دائم ومقبول من الأطراف كافة”، لكنها تتابع عن كثب التحولات داخل مجلس الأمن وتدرك أن العالم يتجه نحو تسوية تستند إلى مبادرة الحكم الذاتي المغربية وبين منطق الواقعية الجديدة ورغبة نواكشوط في الحفاظ على توازنها التقليدي، تبدو موريتانيا أمام لحظة اختبار نادرة فإما أن تبقى أسيرة حياد يفقد معناه في زمن التكتلات الكبرى، أو أن تتحرك بخطى محسوبة نحو موقف أكثر انسجامًا مع مسار الأحداث والواقع الإقليمي المتشكل من حولها.

وفي ضوء الزخم الذي أحدثه القرار الأممي الأخير، يترقب المراقبون كيف ستُترجم الدبلوماسية الموريتانية هذا التحول إن كانت ستواصل الاكتفاء بالمراقبة من بعيد، أم ستنخرط في دعم مسار أصبح يحظى بإجماعٍ دولي متزايد، فيما المؤشرات الاقتصادية والسياسية تميل نحو الاحتمال الثاني لكنّ القرار النهائي سيظل مرتبطا بحسابات الأمن الداخلي وتوازن العلاقات مع الجزائر.

ومع ذلك، فإن كل المعطيات توحي بأن موريتانيا تتهيأ تدريجيا للانتقال من الحياد إلى الانخراط، في لحظة تعي فيها نواكشوط أن مستقبلها لا يمكن فصله عن مصير المغرب الكبير الذي يتطلع إلى النهوض من تحت رماد الخلافات.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة