قرار مجلس الأمن يقرب الحل السياسي ويدفع الجزائر لمراجعة مواقفها

admin2 نوفمبر 2025آخر تحديث :
قرار مجلس الأمن يقرب الحل السياسي ويدفع الجزائر لمراجعة مواقفها


اعتبر أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري أحمد بوز القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي بشأن قضية الصحراء منعطفاً هاماً في مسار هذا النزاع الإقليمي الذي طال أمده منذ نصف قرن. وأوضح أن هذا القرار يعكس تحولا نوعيا في الموقف الدولي، إذ ينتقل من مجرد إدارة الأزمة إلى التوجه نحو تسوية سياسية فعلية، قائمة على مقاربة المغرب للحكم الذاتي باعتبارها الحل الأكثر جدية ومصداقية.

وأشار بوز، في مقال عممه عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك)، اليوم الأحد،  إلى أن القرار لم يقتصر على تجديد ولاية بعثة المينورسو، كما كانت الحال في القرارات السابقة، بل رسم ملامح طريق نحو تسوية دائمة تقوم على التوافق والواقعية. ويؤكد القرار على أن “الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يمكن أن يشكل أحد أكثر الحلول واقعية”، داعياً الأطراف المعنية إلى دعم المفاوضات والمشاركة فيها بحسن نية ودون شروط مسبقة، وعلى أساس خطة المغرب لتسوية النزاع بشكل نهائي يضمن تقرير مصير سكان الأقاليم الجنوبية في إطار السيادة الوطنية.

ويرى بوز أن قوة القرار تكمن في توقيته، إذ يصدر في ظل توتر غير مسبوق بين المغرب والجزائر وقطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، واحتدام الشحن السياسي والإعلامي بين البلدين، إضافة إلى تغير مواقف القوى الكبرى التي تميل اليوم إلى الحلول الواقعية بدل الشعارات الإيديولوجية. ومن هذا المنطلق، أصبح دعم مجلس الأمن للحكم الذاتي المغربي يعكس قناعة متزايدة لدى المجتمع الدولي بأن الحل الواقعي الوحيد هو الذي يحافظ على وحدة التراب المغربي مع منح السكان المحليين إدارة ذاتية موسعة.

كما أشار بوز إلى أن القرار يوجه رسائل واضحة للجزائر، الراعي الرسمي لجبهة البوليساريو، من خلال دعوته جميع الأطراف إلى المشاركة في المفاوضات بحسن نية، معتبرًا أن هذا يعكس تغيرًا في موقف الأمم المتحدة، التي لم تعد تقبل بالجزائر كطرف “مراقب”، بل تعتبرها طرفاً معنيا أساسيا بالنزاع. كما أبرز القرار دعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص، “غير أن هذا الدعم لا يخفي التوجيه الصريح الذي يمنحه القرار للمبعوث الشخصي، إذ يشير بوضوح إلى ضرورة العمل على أساس خطة الحكم الذاتي المغربية، وهو ما يشكل تقليصا ضمنيا للهامش الذي كانت تستند إليه الأطراف الأخرى للمناورة أو لفرض أجندات أصبحت متجاوزة، مثل فكرة الاستفتاء التي يبدو أنها فقدت أي مضمون واقعي منذ سنوات طويلة”.

وذهب أستاذ العلوم السياسية إلى أنه من الناحية السياسية، يعتبر إدراج “تقرير المصير” في القرار بصيغة عامة وغير ملزمة “تطورا دلاليا بالغ الأهمية. فالمجلس لم يربط هذا المبدأ، كما كان في السابق، بخيار الاستفتاء، بل أدرجه في سياق احترام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه العامة، مما يعني أن مفهوم تقرير المصير في حالة قضية الصحراء بات يفهم في إطار داخلي، أي في شكل حكم ذاتي موسع داخل السيادة المغربية”.

على الصعيد الإنساني والأمني، شدد القرار على أهمية احترام وقف إطلاق النار وتجنب أي أعمال قد تقوض العملية السياسية، كما دعا إلى تسجيل اللاجئين الصحراويين في تندوف بشكل صحيح، مما يضع حداً لاستخدامهم كأداة سياسية. وبخصوص بعثة المينورسو، مدد مجلس الأمن ولايتها مع ربط مستقبلها بتقييم استراتيجي خلال ستة أشهر، بما يمهد لإعادة صياغة دور البعثة وتركيز مهمتها على الخيار السياسي القائم على الحكم الذاتي.

وأكد بوز أن المغرب خرج من هذا القرار منتصرا دبلوماسيا، بعدما أضحت رؤيته تحقق اختراقا مهما داخل المنظومة الأممية، وبعدما نجح في تحويل مبادرته للحكم الذاتي من مجرد مشروع وطني إلى مرجعية دولية معترف بها، مضيفا أن جبهة البوليساريو، تجد نفسها اليوم أمام وضع دبلوماسي صعب، إذ لم يعد هناك في القرارات الأممية ما يبرر استمرار خطابها الانفصالي، في وقت تتراجع فيه قدرتها على التأثير الميداني والسياسي.

أردف أن نفس الأمر ينطبق على الجزائر التي تجد نفسها مضطرة إلى مراجعة موقفها بعد أن فقدت الكثير من الدعم داخل مجلس الأمن، وأصبحت تواجه عزلة متزايدة نتيجة تمسكها بخطاب جامد يفتقر إلى الواقعية، وتمسكها بفكرة “دعم تقرير المصير” التي تربطها بمناخ سياسي دولي يحل على عهد الحرب البرادة، وأصبح جزء من الماضي. 

ويخلص الأستاذ بوز إلى أن القرار الأممي يمثل تتويجًا لمسار طويل من التحولات الدولية في قضية الصحراء، ويفتح أفقاً جديداً عنوانه الواقعية السياسية والتوافق الإقليمي، إذ يوجه الأطراف نحو التفاوض على أساس الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية. غير أن هذا القرار، وفق تحليله، لا يغلق الملف، بل يفتح مرحلة جديدة من التحديات التي يجب على المغرب إدارتها بحكمة لضمان تثبيت مكاسب هذا التحول الأممي على الأرض.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة