وجّه المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج محمد صالح التامك، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، قدّم فيها توضيحات رسمية حول ما تضمنه التقرير الأممي الأخير بشأن وضعية معتقلي “اكديم إيزيك”، حيث لفت إلى أن هؤلاء السجناء أدينوا بأحكام قضائية نهائية في قضايا القتل والتمثيل بجثث عناصر من القوات العمومية والتخريب العمدي، نافيا توصيفهم بـ “المعتقلين السياسيين” كما ورد في التقرير المعروض على مجلس الأمن.
وشدّد التامك على أن المعطيات الطبية والإحصائية الرسمية توثق استفادتهم من الرعاية الصحية والاتصال بذويهم وبرامج التأهيل، مؤكدا أن مؤسسات السجون تشتغل في إطار القانون ومعايير المحاكمة العادلة.
وجاء في مستهل الرسالة التي اطلعت عليها “الصحيفة”: “نوضح أن التقرير الأخير الذي قدمتموه إلى مجلس الأمن حول الصحراء، بموجب الوثيقة S/2025/874، تضمن ما يفيد بأن المعتقلين المعنيين بالسياق هم معتقلون سياسيون، مستندين في ذلك على ادعاءات السيدة ’سلطانة خيا‘ بأن ’گديم إيزيك‘ كان ’انتفاضة سلمية‘، وهو ما نرفضه رفضا قاطعا، حيث إن الملف المرتبط بـ ’گديم إيزيك‘ كان في ظروف واضحة ومثبتة، وحصلوا على الأحكام من القضاء المغربي بعد سيرورة تقاضٍ عادلة استندت إلى إثباتات ميدانية دامغة تهم حالات قتل عمد لعناصر من القوات العمومية والتمثيل بجثثهم، والتخريب العمدي للممتلكات الخاصة والعامة، كما بينت التسجيلات المصورة التي بثتها قنوات دولية.
وأكد التامك في رسالته على أن “الربط بين الإضراب عن الطعام والتعبير عن احتجاج سلمي على ما ورد في التقرير يجب أن يخضع لأدلة تثبت الادعاءات الطبية المتعلقة بظروفهم الصحية، حيث إن السجناء يتلقون كامل رعايتهم الصحية من طرف إدارة السجن بناء على تقارير رسمية يومية توثق وضعيتهم الطبية، وأن أي تضليل إعلامي خارجي نابع من أطراف متطرفة هو محض ادعاء لا يمت للواقع بصِلة.”
وتوسعت الرسالة في شرح ظروف التغذية والرعاية الصحية والتواصل، مضيفة: “خلال أيام الإضراب المفتوح الذي باشره المعنيون بالأسبوع الأول من أكتوبر 2025، لازالوا يمارسون حقهم في التطبيب بشكل يومي ويحصلون على مراقبة متخصصة، كما أنهم لم يحرموا يوما من الحق في الاتصال بذويهم عبر الهاتف الثابت للمؤسسة بشكل منتظم بمعدل ثلاث مرات في الأسبوع، مع تسجيل حالات استثنائية بطلب منهم”.
وتتابع الوثيقة عرض تفاصيل النظام الغذائي داخل المؤسسات السجنية، مشيرة إلى “التموين الغذائي وفق حصص وصفية طبية للمرضى، وأن الوجبات الداخلية تُعد داخل مطبخ المؤسسة وفق المواد الغذائية المتاحة، بما يتماشى مع متطلبات النظام الغذائي السجني.”
وتشدد الرسالة على المعطيات الطبية قائلة: “تتم المراقبة الصحية اليومية للسجناء المضربين عبر الطاقم الطبي، الذي يزاول مهامه بشكل رسمي وبموجب القانون، كما أن التاريخ الطبي للسجناء موثق في ملفاتهم الخاصة لدى المؤسسة الصحية السجنية.”
ودمجت الرسالة معطيات رقمية دقيقة، حيث بلغ معدّل السجناء الذين استفادوا من برامج العلاج سنة 2025 ما مجموعه 233 حالة بمتوسط 12 جلسة طبية لكل سجين، فيما بلغت معدلات الرعاية النفسية 57 جلسة تخصصية بمعدل 03 جلسات لكل سجين، و21 امتياز زيارة خارجية، كما خضع 260 سجيناً لفحوصات داخلية عبر الطاقم المختص، و75 حالة نقلت للمستشفيات الخارجية.
وتوضح المراسلة كذلك، أنه قام أعضاء من اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بزيارات للسجن بتاريخ 20 أكتوبر 2025، وواكبوا حالات الإضراب، كما أنهى المضربون امتناعهم عن التغذية بتاريخ 30 أكتوبر 2024، بعد إعلان المؤسسات الطبية انتهاء المراقبة اليومية.
وأورد التامك في الرسالة التي وقعها باسمه، أنه بالنسبة لبرامج إعادة التأهيل والتكوين، فقد استفاد 15 سجينا من دورات جامعية تمكنوا بموجبها من الحصول على درجة الإجازة، و06 دبلومات مهنية، و23 ساعة تكوين في تخصصات مختلفة، و03 على دبلوم تكوين مهني، وهي معطيات موثقة رسمياً، كما أكد أن “المؤسسات الأمنية تستنكر الادعاءات المغلوطة وتحذر من التدخل في نزاهة القضاء المغربي، وأن أي قرار أممي يمس باستقلالية السلطة القضائية من شأنه أن يسيء إلى حقوق الضحايا، وإلى دولة شريكة أساسية في منظومة الأمم المتحدة.”
وتجدر الإشارة إلى أن أحداث “اكديم إيزيك” تعود إلى سنة 2010، عندما اندلعت مواجهات عنيفة عقب تفكيك مخيم احتجاجي بضواحي العيون، وأسفرت عن مقتل عدد من عناصر القوات العمومية والتمثيل بجثثهم، إلى جانب التخريب وإضرام النار في الممتلكات.
وقد خضع المتورطون في هذه الأحداث لمسار تقاض استمر لسنوات أمام هيئات مدنية وعسكرية قبل صدور أحكام نهائية بحقهم، وسط اهتمام حقوقي وإعلامي واسع داخلياً وخارجيا، ويعود الملف إلى الواجهة بين الفينة والأخرى بالتزامن مع مناقشة تقارير أممية حول الوضع في الصحراء، ما يجعله نقطة توتر دائمة بين الروايات الحقوقية والمساطر القضائية الوطنية.



