زنقة 20 | الرباط
مع انطلاق موسم جني الزيتون، تتجه الأنظار نحو الجهود المبذولة للنهوض بهذه السلسلة الفلاحية الحيوية، في ظل دينامية جديدة تقودها البرامج المواكِبة، وعلى رأسها مبادرة “المثمر” التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط، التي باتت تلعب دوراً محورياً في الرفع من مردودية وإنتاجية حقول الزيتون عبر مختلف مناطق المغرب.
ويأتي هذا الموسم في سياق تحسن ظروف الإنتاج وتزايد وعي الفلاحين بأهمية التقنيات الحديثة، مما يجعل المرحلة الحالية محورية لترسيخ ممارسات فلاحية سليمة تُحسّن جودة الزيت وتُعزّز تنافسيته وطنياً.
وفي تصريح لموقع Rue20، قال الفلاح الصديق استيتو، من جماعة بني كلة بإقليم وزان، إن مبادرة المثمر ساهمت بشكل كبير في تطوير إنتاج زيت الزيتون داخل ضيعته، مضيفاً أن العملية تتم عبر مراحل دقيقة تبدأ بـ تحليل التربة لتحديد نوعية المواد والأسمدة المناسبة، وهو ما انعكس بشكل واضح على المردودية.
وأضاف استيتو: “وصلنا اليوم إلى مرحلة الجني المعقلن، الذي يتم بمواكبة من مبادرة المثمر، حيث تُعتمد طرق علمية تحافظ على شجرة الزيتون وجودة الثمار ونشتغل بالجني اليدوي عبر المشط، مما يمنع ضياع الزيتون ويُبقي جودته عالية إلى غاية مرحلة العصر”.
من جانبه، أوضح عبد الإله نجمي، مهندس زراعي وممثل مبادرة المثمر بإقليم وزان، أن المبادرة تواكب الفلاحين في إطار المنصات التطبيقية الخاصة بزراعة الزيتون، مؤكداً أنه منذ إطلاق المبادرة سنة 2018، تم تنزيل أكثر من 600 منصة تطبيقية بالإقليم، استفاد منها 300 فلاح.
وأشار إلى أنه خلال الموسم الفلاحي الجاري، تم إحداث 24 منصة تطبيقية جديدة.
المنصة التي زارها فريق Rue20 بجماعة بني كلة تُعتبر منصة بورية 100%، تضم 100 شجرة في الهكتار من أصناف البيشولين المغربية والمنارة والحوزية.
وأوضح نجمي أن الاشتغال بهذه المنصة بدأ السنة الماضية في مرحلة الجني، حيث كانت أول خطوة هي تحليل التربة لمعرفة خصوبتها، ثم تحديد السماد المركب الأنسب للقطعة الأرضية، كما شملت العملية التقليم، واستعمال سماد التغطية المعتمد على الأسمدة الأزوطية، ورش العناصر الصغرى مثل عنصر البور، إلى جانب اعتماد المكافحة المندمجة للحشرات والأمراض التي تصيب شجر الزيتون.
وأضاف المهندس الزراعي أن هذا المسار التقني المعقلن أسفر عن نتائج جد إيجابية، حيث بلغت مردودية المنصة 9 أطنان في الهكتار، مقابل 5 أطنان فقط عند الفلاحين الذين يواصلون العمل بالطرق التقليدية، أي زيادة بنسبة 45% في الإنتاج، إلى جانب جودة أفضل للثمار.
وأكد أن طريقة الجني المعتمدة حاليا داخل المنصات – وهي الجني اليدوي – تُعتبر الأنسب لأنها تحترم ثمرة الزيتون وتحافظ على صحة الشجرة.
وأشار إلى نجمي بأن المنصة التطبيقية تعد فضاء للتكوينات والحقول المدرسية لفائدة الفلاحين، بهدف تمكينهم من تبني ممارسات زراعية معقلنة تُساهم في تطوير الإنتاج وضمان جودة المنتوج الفلاحي على مستوى الإقليم.
وتبرز هذه النتائج الميدانية الدور المتصاعد الذي تلعبه مبادرة المثمر في تحديث طرق إنتاج الزيتون ورفع مردوديته داخل إقليم وزان وباقي المناطق المغربية. فبفضل المواكبة التقنية الدقيقة، والمنصات التطبيقية، وحرص الفرق المختصة على نقل المعرفة إلى الفلاحين، أصبحت المبادرة نموذجا ناجحا في تطوير الممارسات الفلاحية والانتقال نحو زراعة أكثر نجاعة واستدامة.
ومع تواصل هذه الجهود، يراهن الفلاحون والمهنيون على أن تساهم مبادرة المثمر في ترسيخ مكانة زيت الزيتون المغربي وتعزيز حضوره في الأسواق الوطنية والدولية.
















