زنقة 20 | الرباط
شهد المغرب مؤخرا ظهور موجة احتجاجات شبابية تعرف بـ”جيل زاد”، رفعت شعارات تطالب بتوفير متطلبات اجتماعية مثل الصحة و التعليم ومحاربة الفساد و إحداث تغيير في المشهد السياسي والحزبي.
جيل Z ، اختار أغلب المنتمين إليه العزوف عن العملية السياسية والمشاركة في الانتخابات والأنشطة الحزبية ، بسبب عدم جاذبية المشهد السياسي الوطني، واعتبار الأحزاب السياسية التقليدية عاجزة عن تقديم حلول حقيقية، بل متهمة بترسيخ منطق الفساد والمحسوبية وسوء التدبير.
الحل الملكي: تمكين الشباب
في رد عملي وجدي على هذا العزوف، بادر الملك محمد السادس خلال المجلس الوزاري المنعقد أمس الأحد، بإعطاء دفعة قوية لمسار إصلاح العمل السياسي عبر السماح للشباب بالترشح بشكل مستقل في الانتخابات القادمة دون الحاجة إلى تزكية من الأحزاب التقليدية، مع دعم مالي يصل إلى 75% من تكاليف الحملات الانتخابية للمرشحين المستقلين الذين تتوفر فيهم شروط النزاهة والجدية في العمل السياسي.
المجلس الوزاري صادق أمس على أربعة مشاريع قوانين تنظيمية ، ويتعلق الأمر بمشروعي قانونين تنظيميين يتعلقان، على التوالي، بمجلس النواب وبالأحزاب السياسية.
ويهدف مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب إلى تخليق الاستحقاقات التشريعية المقبلة وضمان سلامتها، وإفراز نخب تحظى بالشرعية والثقة، وذلك من خلال تحصين الولوج إلى المؤسسة النيابية في وجه كل من صدرت في حقه أحكام يترتب عليها فقدان الأهلية الانتخابية، واعتماد الحزم اللازم لاستبعاد كل من تم ضبطه في حالة التلبس بارتكاب أي جريمة تمس بسلامة العمليات الانتخابية، علاوة على تشديد العقوبات المقررة لردع كل المحاولات التي قد تستهدف سلامة العمليات الانتخابية في جميع أطوارها.
ولتحفيز الشباب الذين لا تفوق أعمارهم 35 سنة، على ولوج الحقل السياسي، يتوخى هذا المشروع مراجعة شروط ترشحهم وتبسيطها، سواء في إطار التزكية الحزبية أو بدونها، وإقرار تحفيزات مالية مهمة لمساعدتهم على تحمل مصاريف الحملة الانتخابية، من خلال منحهم دعما ماليا يغطي 75% من مصاريف حملاتهم الانتخابية. كما يقترح المشروع تخصيص الدوائر الانتخابية الجهوية حصريا لفائدة النساء دعما لحضورهن في المؤسسة النيابية.
وفيما يخص مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، فيهدف بالأساس إلى تطوير الإطار القانوني المنظم لها، ووضع القواعد المساعدة لتعزيز مشاركة النساء والشباب في عملية تأسيس الأحزاب، وكذا تحسين حكامتها، وضبط ماليتها وحساباتها، في أفق تأهيل العمل الحزبي ببلادنا، ليواكب التطورات المتسارعة التي يشهدها المجتمع المغربي.
هذه الخطوة تعدّ تحولاً نوعياً يعكس إيمان المؤسسة الملكية بأهمية مشاركة الشباب في بناء مستقبل الوطن من موقع المسؤولية.
ميزانية قياسية لدعم القطاعات الحيوية
لم تقتصر الإجراءات على الجانب السياسي فحسب، بل شملت ميزانية الدولة لعام 2026 استثمارات غير مسبوقة في قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة، حيث تم تخصيص 20 مليار درهم إضافية مقارنة بالسنة الماضية، في إطار مشروع قانون المالية الجديد.
الميزانية الضخمة ستعزز توظيف الآلاف من الموظفين الجدد، وتطوير المرافق الصحية والتعليمية، وتحسين جودة الخدمات، وهو ما يؤكد حرص الدولة على الاستثمار في العنصر البشري وتنمية القدرات الوطنية.
من منظور سياسي، تمثل ردود الدولة على الاحتجاجات الشبابية الاخيرة، نموذجاً في ضبط سقف المطالب ، حيث كان التفاعل مع تلك المطالب ضمن الإطار الدستوري والمؤسساتي برئاسة الملك.
بحسب متتبعين ، فإن مطالب الشباب أقل حدة مقارنة بسقف حراك 20 فبراير، رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي تواجه البلاد. ومع ذلك، لا تزال ممارسات بعض القوى السياسية تكرس حالة الإحباط، ويظهر أن هناك حاجة ملحة إلى تجديد الفكر السياسي وسلوكيات العمل الحزبي بما يواكب طموحات الأجيال الجديدة.



