طالبت ماري لاولور، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان، السلطات الجزائرية بتوضيح سبب منع الناشطة الحقوقية الجزائرية نصيرة ديتور من دخول البلاد، وترحيلها إلى فرنسا دون تقديم مبرر رسمي في الأيام القليلة الماضية.
وقالت لاولور، في تغريدة عبر حسابها الرسمي على منصة “إكس”، إنها علمت “بقلق” أن ديتور تم استجوابها عند وصولها إلى مطار الجزائر بشأن ارتباطها بملف الاختفاءات القسرية، قبل أن تُعاد إلى فرنسا، مضيفة في تغريدتها “أطالب السلطات بتوضيح سبب ترحيل مدافعة سلمية عن حقوق الإنسان”.
وأثارت القضية جدلا واسعا في الأوساط الحقوقية والسياسية الجزائرية، إذ اعتبر المحامي غاني بادي، المعروف بدفاعه عن المعتقلين السياسيين، وفق ما نقلته “فرانس 24” أن ما تعرضت له ديتور “تجاوز صارخ لأحكام الدستور والمواثيق الدولية”، مشيرا إلى أن الإجراء خرق للمادة 49 من الدستور التي تشترط قرارا قضائيا معللا لمنع أي شخص من دخول التراب الوطني.
من جانبه، حذر النائب البرلماني عن الجالية الجزائرية بالخارج عبد الوهاب يعقوبي، في تصريح لـ”فرانس 24″، من أن مثل هذه الإجراءات إذا لم تكن مؤطرة بوضوح بالقانون قد “ترسل رسائل ملتبسة تمس بثقة المواطنين في مؤسسات الدولة”، مشيرا إلى أن الثقة تُبنى على الوضوح والعدالة وليس على القوة.
أما عيسى رحمون، الأمين العام للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، فقال إن حالة ديتور “تحمل رمزية خاصة”، نظرا إلى كونها شخصية بارزة في النضال من أجل كشف الحقيقة بشأن حالات الاختفاء القسري منذ 1997، معتبرا أن منعها من دخول وطنها “رسالة ترهيب واضحة للجالية الجزائرية في الخارج”.
وروت نصيرة ديتور تفاصيل ما جرى في مطار هواري بومدين، في تصريح مع “فرانس 24” قائلة إنها قدمت جوازي سفرها الجزائري والفرنسي كالمعتاد، لكن هذه المرة تعرضت لأسئلة مطولة من عناصر ومسؤولين أمنيين حول هويتها وعملها والمنظمة التي تترأسها.
وأضافت أن الرد الوحيد الذي تلقته عند استفسارها كان “لسنا نحن، بل الكمبيوتر هو الذي يعطي الأوامر، ونحن ننفذ فقط”، مشيرة إلى أنها انتظرت ثلاث ساعات في قاعة بالمطار قبل أن تُقتاد مجددا إلى قاعة التسجيلات ثم تُرحل على متن طائرة متجهة إلى باريس.
وأوضحت ديتور أنها وجدت بداخل جواز سفرها الجزائري “محضرا متعلقًا بالإبعاد عن التراب الوطني” يستند إلى القانون 08-11 المتعلق بشروط دخول الأجانب إلى الجزائر وإقامتهم وتنقلهم، مشيرة باستغراب إلى أنها ليست أجنبية بل مواطنة جزائرية، وأن المحضر لم يوضح سبب الإبعاد ولم يُطلب منها التوقيع على أي وثيقة.
واعتبرت الناشطة الحقوقية أن قرار إبعادها “خطير للغاية”، لافتة إلى أن السلطات تسعى إلى فرض “غلق تام” على النشاط السياسي والحقوقي، بعد إصدارها قرارات منع مغادرة التراب الوطني بحق مناضلين وسياسيين، لتنتقل الآن إلى منع الدخول.
وقالت إن النظام “مرعوب” من عودة الحراك الشعبي، ويلجأ إلى إجراءات تعسفية لإسكات الأصوات المعارضة، وأكدت في تصريحها قائلة “لم نصمت طيلة 20 عاما من النضال والمضايقات، ولن نصمت الآن”.
وتأتي هذه الحادثة في وقت تواجه فيه الجزائر انتقادات متزايدة من منظمات حقوقية ودولية بشأن أوضاع الحريات، خاصة بعد سجن الكاتب الفرنسي من أصل جزائري بوعلام صنصال، والصحافي الفرنسي كريستوف غليز، ما زاد من حدة الجدل حول التوجهات السياسية والحقوقية للسلطات.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات قد تزيد من عزلة الجزائر على الساحة الحقوقية الدولية، وتضعها تحت مزيد من الضغط لتوضيح سياساتها تجاه النشطاء والمعارضين، سواء داخل البلاد أو خارجها.



