قالت وكالة “رويترز” إن المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك محمد السادس، أمس الأحد، أقر ميزانية سنة 2026، والتي خصصت نحو 140 مليار درهم (15 مليار دولار) لقطاعي الصحة والتعليم، بزيادة قدرها 16 في المائة مقارنة بالعام الماضي، في خطوة وُصفت بأنها استجابة مباشرة لأبرز مطالب “جيل زد” الذي خرج إلى الشوارع خلال الأسابيع الماضية للمطالبة بإصلاحات اجتماعية واقتصادية عاجلة.
وأشارت وكالة الأنباء المذكورة، أن الإنفاق المقترح على القطاعين الاجتماعيين الحيويين، أي الصحة والتعليم، يعادل حوالي 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، وهو مستوى غير مسبوق في تاريخ الميزانيات العمومية المغربية.
وحسب “رويترز”، فإن مشروع قانون المالية الجديد يتضمن أيضا إجراءات لتقليص الفوارق الجهوية وتحسين العدالة المجالية، مشيرة إلى أن وزير المالية، فوزي لقجع، سيعرضه أمام البرلمان الأسبوع المقبل لمناقشته بالتفصيل والمصادقة عليه.
وتحدثت وكالة الأنباء عن تفاصيل بلاغ الديوان الملكي بخصوص ميزانية 2026، حيث لفتت إلى أن الاقتصاد الوطني سيعرف نموا بنسبة 4.8 في المائة خلال سنة 2025، مقابل 3.8 في المائة سنة 2024، مدفوعا أساسا بالطلب المحلي وتحسن أداء القطاعات غير الفلاحية، وهو ما يعكس دينامية اقتصادية متجددة رغم التحديات الإقليمية والدولية.
كما أشارت الوكالة، بناء على البلاغ إلى أن الاجتماع صادق أيضا على مشروعي قانونين انتخابيين تمهيدا للاستحقاقات المقبلة، تضمنا إجراءات لتعزيز مشاركة النساء والشباب في الحياة السياسية، إلى جانب ضوابط صارمة لمحاربة الفساد، من بينها منع المترشحين المدانين في قضايا جنائية أو مخالفات من خوض الانتخابات.
وبموجب المقترحات الجديدة، وفق “رويترز” سيستفيد المترشحون الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما من تسهيلات في شروط الترشح، إضافة إلى دعم مالي يغطي 75 في المائة من تكاليف حملاتهم الانتخابية، في محاولة لتشجيع مشاركة الجيل الجديد في صنع القرار السياسي.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن مشروع قانون المالية لسنة 2026، يرتكز، وفق بلاغ الديوان الملكي، 2026 على أربع أولويات كبرى، أولها “توطيد المكتسبات الاقتصادية لتعزيز مكانة بلادنا ضمن الدول الصاعدة : من خلال تحفيز الاستثمارات الخاصة، سواء منها الوطنية أو الأجنبية، والإسراع بالتنزيل الفعال لميثاق الاستثمار، وتفعيل عرض المغرب للهيدروجين الأخضر، والتحسين المستمر لجاذبية مناخ الأعمال، وتقوية الشراكة المبتكرة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى تنويع مصادر تمويل الاقتصاد”.
وسيتم، حسب البلاغ “إيلاء عناية خاصة للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، التي تُعتبر من أهم مصادر التشغيل في النسيج الإنتاجي الوطني، لاسيما عبر تفعيل آلية جديدة للمساعدة التقنية، والدعم المالي لاستثماراتها، لفائدة إحداث مناصب الشغل وتحقيق العدالة المجالية”.
وفي نفس الإطار، يضيف البلاغ “سيتم تكثيف الجهود لإدماج الشباب والنساء في عالم الشغل، وكذا لتقليص آثار الجفاف على التشغيل بالمجال القروي، بالإضافة إلى مواصلة برنامج دعم مربي الماشية وإعادة تشكيل القطيع الوطني”.
الأولوية الثانية، “إطلاق الجيل الجديد من برامج التنمية المجالية المندمجة : من خلال التركيز على ترصيد الخصوصيات المحلية، وتعزيز الجهوية المتقدمة، وعلى مبدإ التضامن بين المجالات الترابية. وسيتم إعدادها بناء على تشاور موسع مع مختلف الفاعلين المعنيين على المستوى الترابي، مع إعطاء الأولوية لإحداث مناصب الشغل للشباب، والدعم الفعلي لقطاعات التربية والتعليم، والصحة، إضافة إلى التأهيل المجالي. وسيتم إعطاء عناية خاصة في هذا الإطار، للمناطق الأكثر هشاشة، خاصة مناطق الجبال والواحات، وللتنمية المستدامة للسواحل الوطنية، وكذا لتوسيع نطاق البرنامج الوطني لتنمية المراكز القروية الصاعدة”.
وأشار البلاغ في هذا السياق إلى أنه “تنفيذا للتوجيهات الملكية، سيتم التركيز خلال 2026، على تعزيز المجهود الميزانياتي المخصص لقطاعي الصحة والتربية الوطنية، ليصل إلى غلاف مالي إجمالي يقدر ب140 مليار درهم، بالإضافة إلى إحداث أزيد من 27.000 منصب مالي لفائدة القطاعين. وهكذا، وبالنسبة لقطاع الصحة سيتم التركيز على تحسين العرض الخاص بالبنيات التحتية الصحية، وذلك من خلال افتتاح المركزين الاستشفائيين الجامعيين بكل من أكادير والعيون، واستكمال أشغال بناء وتجهيز المركز الاستشفائي ابن سيناء بالرباط، ومواصلة أشغال بناء المراكز الاستشفائية الجامعية بكل من بني ملال، وكلميم، والرشيدية، إضافة إلى إطلاق عملية تأهيل وتحديث 90 مستشفى”.
وبموازاة ذلك، يضيف البلاغ “سيتم العمل على تسريع تنزيل خارطة الطريق لإصلاح المنظومة التربوية، عبر تسريع تعميم التعليم الأولي، وتعزيز خدمات دعم التمدرس، وتحسين جودة التعليم”.
أما بخصوص الأولوية الثالثة فتتعلق حسب البلاغ بـ”مواصلة توطيد أسس الدولة الاجتماعية : من خلال مواصلة تنزيل الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، ومواصلة تفعيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر لفائدة 4 ملايين أسرة، مع الرفع من القيمة الشهرية لإعانات الأطفال بمبالغ تتراوح بين 50 و100 درهم لكل طفل من الأطفال الثلاثة الأوائل، مع تفعيل الإعانة الخاصة بالأطفال اليتامى والأطفال المهملين نزلاء مؤسسات الرعاية الاجتماعية. وذلك بالإضافة إلى تفعيل باقي مرتكزات هذا الورش، لاسيما توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد، وتعميم التعويض عن فقدان الشغل، إضافة لمواصلة برنامج الدعم المباشر لاقتناء السكن الرئيسي”.
ورابعا، أشار البلاغ إلى أنه سيتم “مواصلة الإصلاحات الهيكلية الكبرى والحفاظ على توازنات المالية العمومية : لاسيما من خلال إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، الذي يجسد تحولا عميقا في نموذج حكامة السياسات العمومية، ويتجه بشكل أكبر نحو المساءلة وتحقيق النتائج، إضافة إلى تكريس الالتقائية والتوطين المجالي لتدبير هذه السياسات”.
كما سيتم، وفق البلاغ في هذا السياق “الحرص على التسريع بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، من خلال مواصلة إعادة هيكلة المحفظة العمومية، وتحسين مردوديتها، إضافة إلى تعزيز نجاعة استثماراتها، وفق منظور للتوزيع المجالي المتوازن، إضافة إلى مواصلة إصلاح المنظومة القضائية وتحديثها، بهدف تقريب العدالة من المواطن، وتعزيز جاذبية مناخ الأعمال”.



