مشروع مالية 2026… المعارضة تُجدّد مَطلب الضريبة على الأثرياء.. وأخنوش والصفروي وبنجلون أول المطلوبين إلى طاولة العدالة الجبائية

admin10 نوفمبر 2025آخر تحديث :
مشروع مالية 2026… المعارضة تُجدّد مَطلب الضريبة على الأثرياء.. وأخنوش والصفروي وبنجلون أول المطلوبين إلى طاولة العدالة الجبائية


عاد الجدل حول العدالة الجبائية ليحتل واجهة النقاش السياسي والاقتصادي، بعد أن أعادت فرق المعارضة طرح مقترح فرض ضريبة سنوية على الأثرياء ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026، في محاولة لإعادة تعريف العلاقة بين الثروة والمواطنة الضريبية.

وتجدد النقاش في ظل تزايد الفوارق الاجتماعية وتنامي الشعور العام بعدم التوازن بين من يملكون الكثير ومن يدفعون القليل، وفي عمق هذا النقاش، تلوح أسماء محددة باتت تختصر مفهوم الثروة في المغرب في مقدمتهم عثمان بنجلون، أنس الصفروي، وأيضا عزيز أخنوش، الثلاثي الذي تصدر تصنيف مجلة فوربس لسنة 2025 بثروات تراوحت بين مليار ونصف ومليار وستمائة مليون دولار لكل واحد منهم، والذين باتوا في صلب النقاش حول العدالة الضريبية ومسؤولية الرأسمال الوطني تجاه مجتمعه.

وتعتبر الفرق المعارضة بمختلف أطيافها، أن فرض ضريبة على الثروة بات ضرورة اجتماعية وسياسية لوقف اتساع الهوة بين فئة صغيرة تستحوذ على الثروات، وأغلبية ساحقة تكافح من أجل حياة كريمة إذ كان الفريق الحركي أول من قدم تصورا مفصلا لما سماه “الضريبة السنوية على صافي الثروة” والتي تقترح إخضاع الأفراد الذين تتجاوز ثرواتهم خمسين مليون درهم لمعدلات تصاعدية تبدأ بـ 0.25% وتصل إلى 1% لما فوق مائتي مليون درهم، مع استثناء المسكن الرئيسي وأدوات النشاط المهني.

 نصف حصيلة هذه الضريبة، بحسب المقترح سيوجه إلى صندوق التماسك الاجتماعي، وهو ما يمنحه بعدا تضامنيا لا يقتصر على الجباية بل يمتد إلى فكرة إعادة توزيع الثروة نفسها.

في المقابل، تبنى فريق التقدم والاشتراكية موقفا أكثر صراحة، مطالبا بفرض ضريبة موحدة بنسبة 1% على مجموع الثروات التي تفوق خمسين مليون درهم، وتشمل العقارات، الأسهم، الودائع البنكية، والمجوهرات.

الحزب “الشيوعي” الجذور اعتبر أن التضامن لم يعد فضيلة أخلاقية، بل واجب وطني على الميسورين تجاه المجتمع، خاصة في ظل ارتفاع كلفة تمويل ورش الحماية الاجتماعية الذي يُعد أحد أعمدة السياسة العمومية في عهد الملك محمد السادس وبالنسبة لقيادات الحزب، لم يعد مقبولا أن يستمر نموذج تنموي تتحمل فيه الطبقة الوسطى والموظفون عبء الجباية بينما تُعفى الثروات الكبرى من المساهمة الفعلية في تمويل الدولة.

من جانبه، الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، اختار طريقا مختلفا بالتركيز على الثروة العقارية تحديدا، مقترحا فرض ضريبة على الممتلكات التي تتجاوز قيمتها خمسة ملايين درهم بمعدلات تتراوح بين نصف في المائة وواحد في المائة.

وهذا التوجه يُقرأ في سياق سعي الحزب إلى معالجة ما يسميه “الثراء العقاري غير المنتج” الذي جعل مدنا كبرى مثل الدار البيضاء والرباط وطنجة تتحول إلى فضاءات احتكارية للسكن الراقي الخالي من السكان، بينما تستمر أزمة السكن الاجتماعي في التفاقم.

ويبدو أن أصابع النقد تتجه هنا خصوصا نحو رجال الأعمال الكبار في قطاع العقار، وعلى رأسهم أنس الصفروي، الذي راكم ثروة هائلة من مشاريع الإسكان الشعبي والفخم، وجعل من مجموعته “الضحى” رمزا لاقتصاد يقوم على البناء والربح السريع أكثر من القيمة المضافة المستدامة.

أما النائبة فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار، فقد ذهبت أبعد في اقتراحها، مطالبة بفرض ضريبة تصاعدية تبدأ من عشرة ملايين درهم بنسب تصل إلى 2% في أعلى الشرائح وبالنسبة لها، العدالة الجبائية لا تتحقق إلا إذا شملت الطبقات العليا فعلا، لا إن اقتصرت على من هم دونهم معتبرة أن هذه الضريبة تمثل “لحظة تصالح بين الدولة ومواطنيها” حيث يدفع الجميع وفق قدرته لا وفق نفوذه أو قربه من دوائر القرار.

ووراء هذه المقترحات المتعددة، تتوارى مفارقة حادة تختصر معضلة الاقتصاد المغربي، فالبلاد التي تنفق المليارات في الدعم الاجتماعي، وتطمح لتعميم التغطية الصحية، ما زالت تعتمد أساسا على ضرائب الاستهلاك التي يتحملها المواطن البسيط، بينما الثروات الكبرى، سواء تلك المتولدة من البنوك أو من العقار أو من المحروقات، تظل بعيدة نسبيا عن المساهمة المباشرة في المجهود الجبائي العام.

وهنا يعود النقاش إلى الواجهة حول المسؤولية الاجتماعية للمليارديرات المغاربة الثلاثة عثمان بنجلون، عميد المال والأعمال الذي يقود بنك إفريقيا ويسيطر على شبكة مالية تمتد عبر القارة، وأنس الصفروي، الذي حول الاسمنت والطوب إلى إمبراطورية عقارية تمتد من طنجة إلى داكار، ثم أخيرا وعلى وجه الخصوص عزيز أخنوش، الذي يزاوج بين السلطة والثروة، إذ يرأس الحكومة ويدير في الوقت نفسه مجموعة “أكوا” التي تحتكر جزءا كبيرا من سوق المحروقات والغاز بالمغرب.

 ويمثل الأثرياء الثلاثة المغاربة الأكثر غنى وفق “فوربس2025″، نموذجا لمعادلة غير متوازنة بين الثراء والنظام الجبائي حيث لا يمكن بناء دولة اجتماعية حقيقية دون مساهمة فعلية من أصحاب الثروات الكبرى في تمويلها.

 من جانب آخر، قد يرسل فرض ضريبة على الثروة “إشارات سلبية” للمستثمرين ويؤثر على جاذبية الاقتصاد المغربي، غير أن خبراء الاقتصاد العمومي يؤكدون أن هذه الحجة مبالغ فيها وأن معدلا لا يتجاوز 1% لن يغير شيئا في قرارات الاستثمار، لكنه سيعيد بعض الإنصاف إلى منظومة جُبائية ظلت تعتمد على الفقراء أكثر مما تعتمد على الأغنياء.

سياسيا، تبدو القضية أكثر حساسية لأن أحد أبرز المستهدفين المحتملين هو رئيس الحكومة نفسه عزيز أخنوش الذي يجد نفسه في موقع مزدوج بين الدفاع عن جاذبية الاستثمار بصفته رجل أعمال، والدفاع عن العدالة الجبائية بصفته رئيس السلطة التنفيذية.

ويدرك المراقبون أن أي خطوة جريئة في هذا الاتجاه ستكون بمثابة اختبار لمدى استعداد الحكومة في سنتها الاخيرة لتحمل كلفة سياسية مقابل ربح اجتماعي وإذا ما كان سيقبل أخنوش بأن يضع اسمه ضمنيا، في قائمة من سيساهمون في ضريبة الثروة وأن تتحول الضريبة إلى مدخل لاستعادة الثقة بين المواطن والدولة.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة