مطابقة جرائم البوليساريو للمعايير الدولية للتصنيف كمنظمة إرهابية – الصحيفة

admin3 نوفمبر 2025آخر تحديث :
مطابقة جرائم البوليساريو للمعايير الدولية للتصنيف كمنظمة إرهابية – الصحيفة


بعد تبني مجلس الأمن للقرار  2779 في نهاية أكتوبر 2025، بدأت مرحلة جديدة في تسوية ملف الصحراء المغربية. ولعل ما أهم تضمنه القرار هو تبني الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كأساس للتفاوض بين الأطراف (وليس الطرفين) ؛ فالقرار ينبني على المفاوضات كوسيلة للحل النهائي والتي تأخذ من مبادرة الحكم الذاتي كمنطلق و كهدف نهائي ويحدد طبيعة الأطراف بما فيها الجزائر. 

بعد القرار، جاء موقف بوليساريو على لسان ممثل الجبهة بنيويورك برفض الدخول في مفاوضات الارتكان الى العنف المسلح. ونفس الطرح عبر عنه رئيس الجبهة برفض الدخول في مفاوضات  و أن الجبهة لن تكون طرفاً في أي عملية سياسية أو مفاوضات تقوم على أي “مقترحات” تنبني على السيادة المغربية والاستمرار في ما أسماه “الكفاح المسلح” والعنف المفضي للانفصال. 

برفض الجبهة للقرار الأممي تتموقع بوليساريو خارج المسار السياسي  الاممي وتكرس طبيعتها كمنظمة مسلحة تتبنى العنف المسلح للوصول لأهداف سياسية . وهذا بالضبط ما يشكل معيارا أساسيا للتصنيف كمنظمة إرهابية من طرف عدد من الدول والمنظمات . وللتذكير، فقد تم إيداع مشروع قانون بالكونغرس الأمريكي في ماي 2025 بمبادرة سياسيين أمريكيين على رأسهم عضو الكونغرس الأمريكي الجمهوري جو ويلسون والديموقراطي جيمي بانيتا.  

لكن و مما يجب التنبيه إليه أن المبادرة الأمريكية ليست فريدة ومعزولة؛ فهناك عدد من الهيئات و المنظمات ومراكز التفكير الأجنبية التي صنفت البوليساريو منظمة إرهابية منها وكالة الاستخبارات اليابانية(وكالة الأمن العام اليابانية ).  التي تنشر تقارير سنوية منذ 2015 صنفت  فيها بوليساريو كمنظمة إرهابية. 

بالإضافة إلى ذلك، نجد عددا من مراكز التفكير الوازنة  كمركز الأبحاث الأمريكي “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ” FDDومركز التفكير المرموق هدسون إنستيتيوت ومعهد فلامنكو للسلام، وعهد الافاق الأوروبي Institut Géopolitique Horizons  وغيرهم.

كما دعى عدد من السياسيين الغربيين (برلمانيين، وزراء سابقين، الخ) إلى تصنيف المليشيا كمنظمة إرهابية من قبيل الائتلاف الذي يقوده نورد ليام فوكس (نائب بريطاني ووزير دفاع سابق) والسيناتور الأيرلندي جيرارد كروغويل والنائب الفرنسي بيير-هنري دومون  والنائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي، نيكولا باي والبرلماني الإسباني، ميگيل أنخيل گوتييريث عن حزب سيودادانوس وهنا نورد أسماء كأمثلة  فقط وليس للحصر ناهيك عن حكومة مالي سنة 2011 وكذا عدد من الجمعيات والهيئات الغير حكومية  من قبيل الرابطة الكنارية لضحايا الإرهاب وغيرها.

بالرجوع للمعايير التي تحددها الأمم المتحدة لإدراج المنظمات في خانة القوائم الموحدة لمجلس الامن التابع للأمم المتحدة وكذا إصدارات لجنة مكافحة الإرهاب التابعة للمجلس الاممي فإننا نجد أن هناك تطابقا بشكل كلي لبعض المعايير أو جزئي في معايير أخرى مع جرائم و سياسات بوليساريو منذ السبعينات.

أولى المعايير هي الارتباط المباشر بعمليات إرهابية وهو ما نجده في العمليات التي قامت بها بوليساريو داخل المخيمات كما هو الحال في اختطاف الإسبانية آينوا فيرنانديز، والإسباني إيريك غونيالونز، والإيطالية روسيلا أورو الذين اختطفوا سنة 2011 من قلب “الرابوني”، المقر الإداري للبوليساريو، على يد عناصر من الجبهة بالتعاون مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. كما يمكن أن نورد انخراط بعض قادة بوليساريو في أعمال إرهابية بالساحل كحادثة قتل جنود أمريكيين بالنيجر عقب هجمات ترأسها أبو وليد الصحراوي  في أكتوبر 2017.

ولا بد من الإشارة كذلك لأعمال إرهابية ذهب ضحيتها عدد من البحارة – المدنيين الاسبان والبرتغاليين سنوات الثمانينات والتسعينات، ناهيك عن الاعمال الإرهابية التي استهدفت المدنيين المغاربة بأقاليم  طاطا وكلميم وزاكورة وبالأقاليم الجنوبية كان آخرها الاعتداء على السمارة مباشرة بعد صدور القرار الى جانب قصف المدنيين عدة مرات في  السمارة واوسرد بما في ذلك حتى مواقع المينورسو.

المعيار الثاني مهم أساسا التهديدات  الأمنية، والتي تنطبق مباشرة على قرارات بوليساريو؛ فمنذ وقف اطلاق النار تحت مظلة الأمم المتحدة سنة 1991 ما فتئت بوليساريو تهدد الامن الإقليمي سواء بالمغرب أو اتجاه المياه الإقليمية الاسبانية بجزر الكناريا او في دول الساحل وهو ما أشارت إليه حكومة مالي التي اتهمت صراحة بوليساريو بالقيام بعميلات إرهابية وتقويض الأمني الوطني سنة 2011 .

وطبعا يأخذ مجلس الأمن في الاعتبار هذا المعيار بالنظر للتهديد الذي شكلته بوليساريو على الأمن والسلم الدوليين في عدة مناسبات من قبيل ما صرح به قادة بوليساريو علانية وطواعية إبان أحداث الكركرات 2020 باستهداف محور التجارة المدني الدولي بين المغرب وموريتانيا  وكذا تصريحات الوالي اعكيك لـمجلة « ذي إيكونوميست » بدعوة الجبهة سنة  2022 إلى استهداف الامن والاستثمار والقنصليات في مدن الصحراء المغربية.

المعيار الثالث يهم أساسا الدعم المالي واللوجستي والتعاون مع منظمات مصنفة كجماعات إرهابية وهو ما ينطبق تماما على بوليساريو التي تتعاون مع جماعات إرهابية تنشط في الساحل او في الشرق الأوسط. :وهنا نجد معايرين فرعيين مترابطين؛ الأول مرتبط بتجنيد المقاتلين الى درجة أن التنظيم أضحى بؤرة لتجنيد الإرهابيين ، بل وترأس عدد من عناصر بوليساريو للمنظمات الإرهابية في الساحل.

وهنا يبرز أسم عدنان أبو الوليد الصحراوي، وهو عضو سابق في البوليساريو ومؤسس فرع “تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”. كما أن عددا من التقارير الصحفية و الاعلامية بدول الجوار (موريتانيا ومالي) وبتندوف نفسها تشير إلى تنامي انخراط شباب المخيمات في التنظيمات الإرهابية النشطة بالساحل.

بينما المعيار الثاني يهم أساسا الترابط الوثيق بين بوليساريو وتنظيمات إرهابية مصنفة في لوائح الأمم المتحدة كحزب الله وتنظيم القاعدة وداعش، وبدليل حضور عدد من القيادات المحلية في التنظيمات الإرهابية وكذا ما أبانت عنه حادث 2011 بخطف وتسليم رهائن اسبان و إيطالية الى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وكذا اتهامات مالي في  أكتوبر 2011 بالتنسيق العضوي الحاصل  بين بوليساريو ومنظمات إرهابية ناشطة بالساحل.

بالانتقال الى أعضاء مجلس الأمن الأممي نجد مبادرة الكونغرس الأمريكي لتصنيف بوليساريو منظمة إرهابية وذلك منذ ماي 2025. من خلال دراسة مسطرة وأهداف التصنيف الامريكي،  يتضح أن الأمر ليس بمناورة سياسية أومسرحية تفاوضية من طرف أمريكا بقدر ما هناك دلائل موثقة ودامغة لتورط المليشيا الانفصالية في الإرهاب.

فالمبادرة تعكس تنامي الخوف من تمدد الإرهاب في الساحل نتيجة جرائم بوليساريو والتي مست أساسا حياة الأمريكيين من قبيل حادثة إسقاط طائرتين تابعتين للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) عام 1988 من طرف “البوليساريو”، مما أسفر عن مقتل خمسة أمريكيين، وحادثة أخرى تتعلق بمقتل أمريكي تحت التعذيب في مخيمات تندوف في بداية الثمانينيات. بالرجوع للمعايير الأمريكية للتصنيف كمنظمة إرهابية، نجد انها تنطبق كليا على جرائم بوليساريو والتي تكمن في 

التورط في الإرهاب أو الأنشطة الإرهابية: من خلال عدة جرائم تم توثيقها سواء ما كان بشكل مباشر من طرف بوليساريو او من طرف أحد عناصر تحت غطاء منظمات إرهابية بالساحل كحادثة  قتل جنود أمريكيين بالنيجر عقب هجمات ترأسها أبو وليد الصحراوي  في أكتوبر 2017  وأسقاط طائرة أمريكية كانت تعمل في حملة رصد وإبادة أسراب الجراد في الثمانينات وغيرها من الأعمال والجرائم التي تهدد المصالح الامريكية.

تهديد الأمن القومي الأمريكي باعتبار أن  نشاط بوليساريو كان منذ الثمانينات يشكل  تهديدًا للأمن القومي الأمريكي، بما في ذلك الدفاع الوطني، والعلاقات الخارجية، والمصالح الاقتصادية وهنا نورد تصريحات محمد الوالي اعكيك لـ« ذي إيكونوميست» بأن القنصليات في العيون والداخلة والشركات العاملة في الصحراء المغربية  بما فيها الأمريكية أو المتحالفة مع أمريكا تعتبر بحسبه أهدافا مشروعة. كما نشير إلى تحالف بوليساريو مع منظمات معادية للمصالح الأمريكية (حالة سوريا، الاشتغال والتعاون  مع ايران و حزب الله، الخ)

تهديد أمن المواطنين الأمريكيين: وهو ما حدث فعلا منذ الثمانينات سواء بمخيمات تندوف او في منطقة الساحل او حتى التهديديات التي تطال الأمريكيين (سياح ومستثمرين) المتواجدين في مدن الأقاليم الجنوبية. 

الأنشطة الأجنبية: يجب أن تكون المنظمة أجنبية (ليست أمريكية). 

وجرائم بوليساريو تنطبق عليها صفة الإرهاب من خلال معايير وقوانين فرنسا العضو الدائم في مجلس الأمن  ( قانون الحماية من الإرهاب 2021) التي تتقاطع المعايير السالفة الذكر وخاصة أنها تهم أربعة معايير من أصل ستة 

الأفعال الإرهابية: ارتكاب أعمال عنف متعمدة وخطيرة تستهدف المدنيين كما وقع في لكلات والسمارة مؤخرا  أو عمليات تستهدف الممتلكات، بهدف إحداث الرعب أو تحقيق أهداف سياسية أو دينية أو أيديولوجية، وطبعا أعمال بوليساريو الإرهابية كلها أنشطة تتبنى العنف والإرهاب لبلوغ أهداف انفصالية سياسية بالرغم  من وجود مسار تفاوضي لسنوات بالأمم المتحدة ورفضهم للقرار الأخير 2797 الذي يقر بضرورة التفاوض.

. الارتباط بتنظيمات إرهابية: وهي حالة تنطبق على بوليساريو باعتبار وجود علاقة مباشرة بين المنظمة أو أفرادها مع تنظيمات إرهابية معترف بها دوليًا تنشط بالساحل أو تنظيمات دولية بالشرق الأوسط كتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أو القاعدة أو حزب الله المصنفة كتنظيمات ارهابية. 

. التمويل والدعم: باعتبار أن بوليساريو تتلقى تمويلاً أو دعمًا من مصادر خارجية معروفة بدعمها للإرهاب. كما هو حال الدعم الذي تتلقاه بوليساريو من حزب الله العسكري والتقني او من إيران المصنفة  كدولة راعية للإرهاب.

الدعاية والتحريض: وهو المعيار الذي ينطبق على بوليساريو التي قامت  غير ما مرة بالدعاية والتحريض على العنف والإرهاب داخل المغرب وخارجه مع وجود عمليات تجنيد لصالح التنظيم و لصالح تنظيمات إرهابية بالساحل وأحيانا مع عمليات تجنيد الأطفال كما تم توثيقه خلال زيارة دي ميستورا للمخيمات في يناير 2022.

وإذا كان عدد من أعضاء مجلس الأمن والدول  الغربية تعمد الى تبني معايير قانونية للتصنيف كمنظمات إرهابية  وتعرف تنامي للهيئات الجمعوية للترافع عن ضحايا إرهاب بوليساريو (كما هو الحال في اسبانيا وغيرها من الدول الأوربية) فإن ذلك غير متاح بعد في دول الساحل  وبالشرق الأوسط.

فجرائم بوليساريو الموثقة في موريتانيا أو في ليبيا إبان ثورة فبراير 2011 أو مؤخرا في سوريا لم تحظ بالمتابعة الإعلامية اللازمة لظروف سياسية خاصة. وفي هذا الصدد نسجل انفراد مالي التي أقدمت بصفة رسمية في 2011 على توجيه اتهام مباشر للبوليساريو  بالإرهاب. 

وأخيرا يبقى من المهم أن التأكيد أنه مهما كان مستوى انخراط بوليساريو في المسار الأممي و في المفاوضات التي أقرها اجتماع مجلس الأمن في 31 أكتوبر فإن ذلك لا يعفي من متابعة قادتها الذين تلطخت أيديهم بدماء عدد من المدنيين سواء المغاربة أو الأوروبيين او الأمريكيين او من أفريقيا جنوب الصحراء؛ مما يحتم تضمين أي حل مستقبلي لملف الصحراء لآليات المتابعة القضائية والسياسية اتجاه الجرائم المرتكبة.

الآراء الواردة في مقالات الرأي تعبر عن مواقف كاتبيها وليس على الخط التحريري لمؤسسة الصحيفة



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة