أكد سفير باكستان لدى المغرب، سيد عادل جيلاني، أن بلاده تنوي المشاركة بشكل فعّال في المشاريع التنموية بالمغرب، بما في ذلك الصحراء، مشيراً إلى أن هذا يشمل استثمارات اقتصادية كبيرة ومشاريع مرتبطة بكأس العالم 2030، موضحا أن التعاون العسكري بين البلدين يشهد نمواً مستمراً، مع تبادل الوفود والتدريبات العسكرية ووجود صفقات سلاح لدعم القدرات الدفاعية المغربية.
وأشار المسؤول الدبلوماسي الباكستاني إلى أن العلاقات بين الرباط وإسلام آباد تاريخية وعميقة، تعود إلى عام 1952، حين أصدرت باكستان جواز سفر لأحمد بلافريج، زعيم حزب الاستقلال، ليتمكن من مخاطبة الجمعية العامة للأمم المتحدة أثناء الفترة الاستعمارية الفرنسية، ومن ثم تأسست علاقة استراتيجية طويلة الأمد بين البلدين.
وفيما يتعلق بالقرار الأخير لمجلس الأمن رقم 2797، أوضح سيد عادل جيلاني في حوار خاص مع جريدة “مدار21” الإلكترونية، أن امتناع باكستان عن التصويت كان خطوة إيجابية لتمرير المخطط المغربي (الحكم الذاتي)، مسجلا أن الصين وروسيا اتبعتا سياسة مماثلة لاعتبارات مشابهة على صعيد سياستهما الخارجية.
الحوار كاملا:
بداية، كيف تصف العلاقات بين المغرب وباكستان؟
لدينا علاقات جيدة جداً بين باكستان والمغرب، وهي علاقات تاريخية تعود إلى عام 1952 خلال الفترة الاستعمارية الفرنسية، عندما كانت هناك حركة نضال من أجل استقلال المغرب. في ذلك الوقت، كان أحمد بلافريج، زعيم حزب الاستقلال، يرغب في مخاطبة الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن السفير الفرنسي منعه قائلاً إنه “تحت السيادة الفرنسية”. وفي اليوم نفسه، أصدرت الحكومة الباكستانية له جواز سفر، وفي اليوم الموالي خاطب الجمعية العامة بصفته مواطناً باكستانياً. وبعد استقلال المغرب، أصبح بلافريج أول رئيس وزارء المغرب في 1958، ومن هنا تأسست علاقتنا الوطيدة مع المملكة.
سأعود قليلاً إلى الوراء، وبالتحديد إلى 31 أكتوبر، لأسألك عن قرار مجلس الأمن رقم 2797، ولماذا امتنعت باكستان عن التصويت لصالحه؟هل يتعلق الأمر بحسابات مرتبطة بقضية كشمير أم بضغوط دبلوماسية خارجية؟
نعم. في الأمم المتحدة بتاريخ 31 أكتوبر كان التصويت حول المخطط المغربي. باكستان تتبع سياسة تقرير المصير في تعاملاتها الخارجية، إذ تواجه نفس القضية في جزء باكستان من كشمير الذي تحتله الهند. الأمم المتحدة كانت قد قررت سابقاً تنظيم استفتاء لشعب كشمير، وهو ما رفضته الهند طوال 75 سنة، ونحن نتابع تلك السياسة.
بالمثل، في حالة الصحراء، كان هناك قرار للأمم المتحدة بإجراء استفتاء هناك. قرار أكتوبر المتعلق بالمخطط المغربي جاء بتعديل مرتبط بالاستفتاء، وهو ما يتعارض مع السياسة الخارجية الباكستانية المعتمدة عالمياً. لذلك لم تعارض باكستان القرار، بل امتنعت عن التصويت حتى يُعتمد، وهو ما حدث لاحقاً، واعتبر نجاحاً للمخطط المغربي. بالمثل فعلت الصين وروسيا، التي لها قضايا مماثلة، والامتناع لا يعني المعارضة، فلو عارضت الصين لكانت استخدمت الفيتو، وكذلك روسيا.
العديد من الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا ودول الاتحاد الأوروبي استثمرت في الصحراء، فهل يمكن أن نشهد مشاركة باكستان في هذه المنطقة؟
بالتأكيد. باكستان تنوي المشاركة في تنمية المغرب ككل، بما في ذلك الصحراء، ضمن الحدود المسموح بها وفق متطلبات الأمم المتحدة. وفي الصحراء يوجد أفراد من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من باكستان، إذ يوجد ثمانية عناصر من الجيش الباكستاني متمركزين هناك لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة. نحن ندعم ذلك ونسعى للعناية بكل ما يتعلق بتنمية المنطقة.
سجلت الصناعات العسكرية والصناعة الدفاعية الباكستانية نموا بـ38 بالمئة سنة 2024، فهل هناك محادثات مع المغرب بشأن التعاون في القطاع؟
نعم، باكستان حققت تقدماً كبيراً في مجال الدفاع. بعد الانتصار في الحرب مع الهند، أثبتت القوات المسلحة الباكستانية امتلاكها التكنولوجيا والقوة والتدريب العسكري العالمي. لدينا تفاهم طويل مع المغرب في التعاون العسكري، ومؤخراً جاءت بعثة دفاعية باكستانية لإجراء محادثات استمرت 30 يوماً مع وزارة الدفاع المغربية. نتبادل العديد من الوفود والتدريبات العسكرية، فالضباط المغاربة يذهبون للتدريب في باكستان، وكذلك يزور العسكريون الباكستانيون المغرب. وهناك أيضاً صفقات شراء سلاح بين البلدين، ونسعى إلى زيادة إمدادات السلاح حسب متطلبات الحكومة المغربية.
المبادلات التجارية بين المغرب وباكستان لم تتجاوز 110 ملايين دولار سنة 2023. هل هناك خطة لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين، خاصة في قطاع النسيج؟
نعم، لدينا خطة لتعزيز العلاقات التجارية. أجريت نقاشاً مع وزير الرياضة حول مشاركة باكستان في الاستعدادات لكأس العالم 2030، سواء في الفعاليات أو مشاريع التنمية المرتبطة بها مثل الطرق والفنادق والملاعب والمنشآت الأخرى.
ودعونا الوزير لزيارة باكستان لإجراء حوار مثمر والاستفادة من الشركات الباكستانية التي يمكن أن تشارك في هذه المشاريع. ونتوقع أن تتم الزيارة قريباً، ربما هذا العام أو بداية العام المقبل. كما نعمل على زيادة الاستثمارات في المغرب، ولدينا مشروع مشترك مع مكتب الفوسفاط، وهناك محادثات لزيادة القدرة الإنتاجية وإنشاء صناعات إضافية.
لا يتجاوز عدد السياح الباكستانيين الوافدين إلى المغرب 7 آلاف سنويا. هل هناك خطة وإجراءات مرتقبة لرفع العدد، ربما إطلاق خط جوي مباشر بين الدار البيضاء وإسلام آباد؟
نعم، نحن نعمل على زيادة السياحة بين البلدين. باكستان فتحت سياسة التأشيرات، ويمكن للمغاربة الحصول على تأشيرة إلكترونية خلال 24 ساعة دون أي رسوم، وهم مرحب بهم للسياحة. كما طلبنا من المغرب تسهيل دخول مزيد من السياح الباكستانيين، ونعتزم إطلاق رحلة مباشرة بين المغرب وباكستان، والأمر يعتمد على مسارات الطيران الدولية.
كما بدأت الخطوط الباكستانية رحلات مباشرة إلى فرنسا، ومن هناك يمكن الوصول بسهولة إلى الدار البيضاء أو الرباط. كل هذه الجهود لتعزيز السياحة بين البلدين.
وأخيراً، بعد إقامتك في المغرب، كيف تصف الثقافة المغربية وما الذي يجعلها مميزة من وجهة نظرك؟
المغرب بلد إسلامي مهم جداً بتاريخه الغني وإسهاماته الكبيرة في الإسلام. الإسلام انتشر في أوروبا عبر المغرب عندما ذهب طارق بن زياد إلى إسبانيا من طنجة. في وقت ما كان 80 بالمئة من سكان إسبانيا مسلمون، وحكم المسلمون معظم أوروبا لمدة 800 إلى 900 سنة، وهذا يعكس مكانة المغرب.
الإدارة المغربية تحت قيادة الملك محمد السادس متميزة ورائعة، والسلالة الملكية المغربية من أقدم السلالات الحاكمة المستمرة في العالم منذ 400 سنة. خبرتها ومعرفتها جعلت الملك يرفع المغرب إلى مستوى عالٍ في التنمية الصناعية والسياحة والشأن الديني والرياضة.
والإنجاز التاريخي للمغرب في كرة القدم، واستضافة كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030 دليل إضافي على ذلك. الملك يعتزم تطوير اقتصاد المغرب، وسيحقق نمواً بنسبة 100 بالمئة خلال السنوات الخمس المقبلة. فالإصلاحات التي يقوم بها الملك رائعة، والمغرب من أكثر الدول كفاءة في الإدارة، النظافة ممتازة، الطرق نظيفة ومُعتنى بها جيداً، وبرغم نقص المياه، الخضرة موجودة في كل مكان. برامج الإصلاح في التعليم والصحة والسكن، والدعم المقدم للمغاربة لاقتناء السكن، كلها أمور متميزة. أقدّم للملك كل التقدير لرؤيته ولدوره في تنمية المغرب.



