عاد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إلى واجهة النقاش السياسي في المغرب، بعد أن حاول خلال لقاء إعلامي مع القناتين الأولى والثانية مساء الأربعاء، إبراز حصيلة حكومته خلال السنوات الأربع الأخيرة، وتوضيح عدد من القضايا التي أثارت جدلا، من أبرزها محاولة تقديم توضيحات حول صفقة محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، التي تحولت منذ أشهر إلى عنوان بارز لـ”تضارب المصالح” التي طبعت صورة الحكومة وفق تعبير المعارضة.
وقدم أخنوش خلال هذا اللقاء مجموعة التبريرات لفوز اثنين من شركاته لهذه الصفقة التي كانت “الصحيفة” أول وسيلة إعلامية مغربية كشفت تفاصيلها عبر تحقيق استقصائي نشر في ماي 2023، حيث سلط الضوء على دخول شركتيه “إفريقيا غاز” و”غرين أوف أفريكا” إلى سباق المنافسة، في سابقة أثارت علامات استفهام حول تضارب المصالح.
وقال أخنوش خلال اللقاء الإعلامي عن مشروع تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، إن العروض الخاصة به “تم تنظيمها بشفافية، بمشاركة شركات وطنية ودولية، وفازت بها في النهاية شركة إسبانية ضمن تحالف يضم مجموعات مغربية”.
وأشار رئيس الحكومة في هذا السياق، إلى أن فتح الأظرفة جرى “بحضور جميع الشركات المتنافسة، وتم اختيار أفضل سعر معروض لإنجاز المشروع”، مضيفا أن”الناس تستثمر في بلدها، أين هو المشكل؟ لا يوجد أي دعم مباشر، فقط تسهيلات لوجستية متاحة لكل المستثمرين”.
كما لفت عزيز أخنوش في جوابه حول هذه القضية، إلى أن المشروع ليس مجرد “صفقة مليار” كما تم الترويج له، بل هو “مشروع بقيمة مليار دولار يتضمن محطة التحلية والطاقات المتجددة”، ملمحا إلى أن الشركات الفائزة بالصفقة، هي التي ستستثمر هذا المبلغ، واعتبر أن المعارضة هدفت من خلال إثارة هذه القضية إلى خلق “البوز” فقط حسب تعبيره.
ولم يضف أخنوش أي معطيات جديدة لتبرير “تضارب المصالح” في هذه الصفقة، حيث من المتوقع ألا تُقنع أجوبته أحزاب المعارضة، خاصة وأن القضية ارتبطت باسمه بشكل مباشر، بحكم وجود شركتيه “إفريقيا غاز” و”غرين أوف أفريكا” ضمن التحالف الفائز، وهو ما اعتُبر دليلا على الجمع بين السلطة والمصلحة.
وكانت المعارضة قد صرحت في وقت سابق، بأن تقارير رسمية تؤكد أن اللجنة الوطنية للاستثمارات صادقت على مشاريع دعم مرتبطة بالتحلية في جهة الدار البيضاء-سطات، وكان حزب العدالة والتنمية كان في طليعة المنتقدين، إذ وصف القضية بأنها “فضيحة سياسية”، متهما رئيس الحكومة بخرق مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص، وبتقديم روايات متناقضة للرأي العام.
الحزب أشار في إحدى بياناته إلى أن أخنوش قال في البرلمان إن الحكومة لن تدعم هذه المشاريع، بينما أظهر بلاغ رسمي العكس، معتبرا أن هذا التناقض يعكس غياب الوضوح في إدارة الملفات الكبرى.
من جانبه، كان حزب التقدم والاشتراكية قد اعتبر أن ما جرى “سابقة خطيرة”، وقال أمينه العام نبيل بنعبد الله إن “فوز شركتي رئيس الحكومة بصفقة بهذا الحجم يُجسد تضاربا للمصالح بشكل فاضح لم يسبق لمسؤول أن أقدم عليه”.
المعارضة ذهبت أبعد من ذلك، حيث وصفت الحكومة بأنها “تطبع مع تضارب المصالح”، وتفشل في التفاعل مع مؤسسات الحكامة، بل وتلجأ إلى مهاجمتها حين تكشف الاختلالات، حيث جاء في تقرير سابق للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية أن “الصفقة تعكس أزمة عميقة في الحكامة والنزاهة، وتؤدي إلى فقدان الثقة في مناخ الأعمال”.



