بعد أزيد من 15 سنة على وفاته، ما زال المفكر المغربي محمد عابد الجابري يثير النقاش في الأوساط الثقافية بمشروعه الفلسفي الضخم الذي خلفه حول التراث والعقل العربي. إذ بالرغم من جذوره الأمازيغية، توجه للجابري انتقادات متعلقة بدعوته إلى “إماتة اللهجات الأمازيغية” في سبيل التمكين للعربية بالمغرب.
وينتقد نشطاء ومثقفون نزعة محمد عابد الجابري “العروبية”، على حد زعهم، والتي وصلت حد دعوته في أحد نصوصه إلى إماتة اللهجات، بما في ذلك اللهجات الأمازيغية والعربية العامية (الدارجة) في سبيل التمكين للعربية الفصحى.
وفي هذا الصدد، أكد عصام عابد الجابري، نجل المفكر الراحل، أن من يتهم الجابري بالتنكر لأمازيغيته والدعوة لإماتتها استنادا إلى بعض نصوصه المبتورة عن سياقاتها هو “كمن يقف عند ويل للمصلين”.
وأضاف الفاعل المدني والرئيس السابق لـ”مؤسسة محمد عابد الجابري للفكر والثقافة”، خلال مروره ببرنامج “تنوير21” الذي يبث على منصات “مدار 21″، أن الجابري كان يرى أن اللغة ليست هي الهوية في حد ذاتها، “بل هي قبل كل شيء أداة للتعبير ولتشكيل الوعي، وبالتالي فإن تعدد اللغات واللهجات يُفقد التواصل فعاليته ويضعفه”.
من جهة ثانية، أوضح المتحدث أن الجابري حين كان يتحدث عن العروبة لم يكن يتناولها بمنظور عرقي بل كان يقصد بها الثقافة العربية الإسلامية، “بل الأكثر من ذلك أنه حين حلل الفكر العربي، توصل إلى أنه تشكل عبر مدرستين، الأولى عقلانية مغربية والثانية عرفانية مشرقية، وقد اتهم بالشوفينية لأجل هذا الاستنتاج، الذي إن دل على شيء فإنما يدل على أنه كان معتزا بمغربيته وبخصوصيته ولا يُلغيها”.
وواصل ابن الجابري تفنيده للاتهامات الموجهة لوالده، مشيراً إلى أنه في كتابه “نحن والتراث” وجه انتقادات لاذعة للقومية العربية، “لدرجة أن الناشر السوري فرض عليه تعديل النص، بل ما فتئ الجابري يقول إن هنالك عرباً لكن لا وجود لعالم عربي”.
ولفت، من جهة ثانية إلى كون المفكر الراحل “كان يرفض استعمال الأمازيغية في السياسة، على غرار رفضه لتوظيف الدين سياسياً؛ “لأن مشاكل الإنسان المغربي، بكل مكوناته الهوياتية، هي مشاكل متعلقة بالديمقراطية لا بالعرق أو اللغة”.
وخلص الجابري الإبن إلى أن الأمازيغ اندمجوا بالعرب، وأن المغاربة عموماً شعب متعدد الروافد الثقافية؛ “الإنسان بثقافته، ونحن لسنا خيولا لنبحث عن هوياتنا في الأعراق”.
