بلغت ميزانية الاستثمار الممولة من الميزانية العامة لقطاع الثقافة، ما مجموعه 682.500.000 درهم، منها 80 مليون درهم مخصصة لاستكمال المشاريع الثقافية المدرجة ضمن الاتفاقيات الموقعة بين يدي الملك، و201.500.000 درهم كإعانات لفائدة المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة.
وكشف وزير الشباب والثقافة والتواصل، مهدي بنسعيد، ضمن عرضه حول مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة، أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، أن الميزانية الإجمالية للقطاع خلال سنة 2026 تصل 401.000.000 درهم.
ويضيف في عرضه أن ميزانية التسيير الممولة بدورها من الميزانية العامة بلغت 595.335.000 درهم، وتشمل إحداث 80 منصبا ماليا جديدا، و35.471.000 درهم لنفقات الموظفين والأعوان، إضافة إلى 243.864.000 درهم للمعدات والنفقات المختلفة.
ويتوقع مشروع قانون مالية 2026، أن ترتفع مداخيل الصندوق الوطني للعمل الثقافي خلال الفترة الممتدة من 15 أكتوبر إلى 31 دجنبر بـ50.720.000 درهم، بعدما سجل سنة 2025 مبلغ 243.457.000 درهم، وبلغ إلى غاية 15 أكتوبر الماضي 192.736.709 دراهم، إذ تحققت هذه المداخيل بفضل رفع ثمن تذاكر الولوج إلى المعالم التاريخية، وترشيد مساطر التدبير، وتنفيذ أشغال الترميم والصيانة، إلى جانب ارتفاع عدد السياح الراغبين في زيارة المواقع التاريخية.
وخصص، وفق ما ورد في العرض المقدم، تمويل من الصندوق الوطني للعمل الثقافي قدره 125.300.000 درهم لبرامج الشراكة الوطنية والمهرجانات والتظاهرات الثقافية، و60.000.000 درهم لدعم الصناعات الثقافية، موزعة على مجالات المسرح، والكتاب والنشر، والموسيقى والفنون الكوريغرافية، والفنون التشكيلية والبصرية، والجمعيات الثقافية.
وتم رصد 14.000.000 درهم لتطوير شبكة المكتبات العمومية، تشمل اقتناء حافلات جديدة لتقريب الكتاب من المواطن، وتطوير البنيات الثقافية المرتبطة بالقراءة العمومية، وإعادة تهيئة عدد من المكتبات بجهة الرباط–سلا–القنيطرة لاحتضان فعاليات الرباط عاصمة عالمية للكتاب، وفق ما ورد في العرض ذاته.
وتضمن المشروع، تنفيذ مجموعة من المشاريع الكبرى في إطار الاتفاقيات الموقعة بين يدي الملك، من بينها ترميم وتأهيل المدينة العتيقة لطنجة بكلفة 112 مليون درهم، وإنجاز المتحف الوطني للآثار وعلوم الأرض بالرباط بكلفة 900 مليون درهم، إضافة إلى إنجاز مشاريع ثقافية كبرى ضمن برنامج التنمية الحضرية بكلفة إجمالية قدرها 486 مليون درهم، وتعبئة استثمارات قدرها 188 مليون درهم سنة 2025 لاستكمال وتأهيل عدد من المشاريع عبر مختلف جهات المملكة، منها المركز الثقافي المهدي بنبركة، وقصبة تمارة، والمسرح الكبير بفاس، والمكتبات الوسائطية والمعاهد الجهوية.
وركز المشروع على حماية وتمكين التراث الثقافي المادي من خلال مواصلة ترميم المدن العتيقة بعد مراكش وفاس وغيرها، واستكمال الخرائط والجرد للمواقع والمعالم التاريخية باستخدام التقنيات الحديثة كـ”الدرون”، إلى جانب تأهيل 114 موقعا ومعلما تاريخيا، وإنشاء مراكز تفسير التراث (CIP)، وتنفيذ برنامج ترميم القصور والقصبات في خمس جهات خلال الفترة 2025–2030، إضافة إلى تضمن المشروع إدراج القانون رقم 22-33 المتعلق بحماية التراث، وتنظيم فعاليات ومناسبات لتقديم التراث الوطني على الصعيدين الوطني والدولي (باريس، الصين، الرباط، طنجة…).
وفي ما يخص التراث اللامادي، يشير المشروع المقدم إلى الشراكة مع منظمة اليونيسكو، والترويج لعلامة “Label Maroc”، وتوقيع اتفاقية شراكة مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية، في أول إطار قانوني للتعاون الدولي في هذا المجال، إضافة إلى مواصلة تسجيل العناصر التراثية المغربية لدى اليونيسكو ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة.
ويبرز المشروع أيضا الجانب المتعلق بتطوير الكتاب والقراءة العمومية وإنعاش الإبداع الثقافي والفني، إلى جانب تبسيط المساطر الإدارية ورقمنة الإدارة، وتحديث البنيات التحتية الثقافية، وتعزيز الدبلوماسية الثقافية.
وتتضمن الرؤية الاستراتيجية للقطاع وضع استراتيجية مندمجة للتنمية الثقافية لتعزيز التكامل بين السياسات العمومية، وحماية وتثمين الموروث الثقافي الوطني المادي واللامادي، وتقليص الفوارق المجالية في العرض الثقافي، وتطوير الصناعات الثقافية والإبداعية، إلى جانب تحديث الإدارة وتطوير الخدمات والثقافة الرقمية، وتعزيز الحماية الاجتماعية للفنانين، وتقوية الشراكات مع المؤسسات الوطنية وجمعيات المجتمع المدني، ودعم الدبلوماسية الثقافية للترويج للثقافة المغربية وقضايا الوحدة الوطنية.
ويهدف مشروع ميزانية 2026 إلى تكريس هوية ثقافية مغربية “تامغرابيت”، من خلال ترسيخ دور الثقافة في الحياة المجتمعية والاقتصادية، وتعزيز مكانة المغرب كبلد للتعايش والتسامح ومنارة حضارية وثقافية فريدة في العالم.
ويسعى المشروع إلى جعل الثقافة رافعة للتنمية البشرية وتعزيز السيادة الثقافية، عبر حماية التراث الثقافي المادي وغير المادي، وتشجيع الابتكار وتطوير الصناعات الثقافية والإبداعية، وإعطاء نفس جديد لإحياء التراث وإنعاش الثقافة، بما يجعل التراث الثقافي المغربي مساهما في الاقتصاد الوطني من خلال صناعة ثقافية مبتكرة تضع الشباب في صلبها وتؤسس لأسواق ثقافية فعالة تتيح استقلالية الفاعلين في مختلف القطاعات.



