تكليف وزير الداخلية بملف الماشية والانتخابات.. ما الذي تغير في هندسة القرار التنفيذي؟ 

admin5 أغسطس 2025آخر تحديث :
تكليف وزير الداخلية بملف الماشية والانتخابات.. ما الذي تغير في هندسة القرار التنفيذي؟ 


كلّف الملك محمد السادس، ضمن مضامين خطاب العرش لسنة 2025، وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت بالإشراف المباشر على التحضير للانتخابات المقبلة، المقرّرة في أفق سنة 2026، وذلك بعدما تولّى كلّ من عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني هذه المهمة بصفتهما رئيسَي حكومة في ولايتين سابقتين.

ويأتي هذا التكليف بعد أشهر قليلة من قرار ملكي سابق أوكل إلى الوزير نفسه مهمة الإشراف على ملف إعادة بناء قطيع الماشية بشكل مستدام، عقب الأزمة التي ضربت القطاع، وأفضت إلى قرار غير مسبوق بإلغاء شعيرة ذبح الأضحية، ورغم أن الملف يُعد من صميم اختصاص وزارة الفلاحة، فقد تم نقله بقرار مباشر إلى وزارة الداخلية، في ما اعتُبر إعادة ترسيم لحدود تدبير بعض القطاعات الحيوية داخل الدولة، وفق منطق المردودية التنفيذية أكثر من منطق الاختصاص الهيكلي.

ومن غير الممكن فصل هذا القرار عن تكليف وزير الداخلية بالإشراف على الانتخابات المقبلة، بالنظر إلى الطابع السيادي والرمزي لكلا الملفين، فضلا عن أثرهما المباشر على ثقة المواطنين، فالإشراف على ملف القطيع جاء عقب أزمة أثرت على مصداقية السوق، فيما يسبق الإشراف على الانتخابات استحقاقا سياسيا بالغ الأهمية، من المرتقب أن يُعيد رسم التوازنات الحزبية، ويعيد اختبار منسوب الثقة في المؤسسات المنتخبة.

ويُقرأ هذا التمركز المتصاعد لوزارة الداخلية في قلب عدد من القرارات الاستراتيجية على أنه تعبير عن تقدير مؤسساتي للأداء الميداني الفعّال مقارنة بما يقدّمه الخطاب الحزبي، الذي أبان، في مناسبات عديدة، عن صعوبة مجاراة التحديات الفعلية على الأرض، كما أن تدبير عدد من الملفات الكبرى لا يزال يعاني من تداخل بين منطق الإنجاز ومنطق التموقع السياسي، ما يزيد من الحاجة إلى أدوات تنفيذية محايدة ومنضبطة.

وفي هذا السياق، قد يُفهم تكليف وزارة الداخلية بالإشراف على انتخابات 2026 على أنه رغبة في تأمين قدر عال من المصداقية والصرامة، بعيدا عن الحسابات الضيقة، خاصة أن الاستحقاق المرتقب لا يُتوقع أن يكون عاديا لا في نتائجه ولا في تداعياته السياسية، في ظل مؤشرات على تحولات مرتقبة في المشهد الحزبي وفي علاقة الشارع بالمؤسسات.

وبالموازاة، يبدو أن الدولة تتجه، في عدد من الملفات ذات الحساسية الاستراتيجية، إلى استدعاء المقاربة التقنوقراطية، سواء في الإشراف على إعادة هيكلة قطاع الماشية، أو في تحضير المسلسل الانتخابي، حيث أن القرار ليس تراجعا عن روح دستور 2011، بقدر ما هو ربما تأقلم براغماتي مع متطلبات السياق، والحاجة إلى قرارات ناجعة سريعة الأثر.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة