زنقة 20 | الرباط
أعلنت الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب عن توجه استراتيجي جديد يعزز من حضور واشنطن العسكري في القارة الإفريقية، ويعكس تصعيدًا واضحًا في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة، إلى جانب محاولة كبح النفوذ المتنامي لكل من الصين وروسيا في المنطقة.
في خطوة لافتة، قرر ترامب في 4 يونيو 2025 تعيين الجنرال داغفين أندرسون، أحد أبرز قادة القوات الجوية وذوي الخبرة في العمليات الخاصة، قائداً جديداً للقيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم).
هذا التعيين، الذي جاء مع ترقية أندرسون إلى رتبة جنرال بأربع نجوم، يؤكد استمرار أفريكوم كقيادة قتالية مستقلة، منفصلة عن القيادة العسكرية في أوروبا، ما يعكس عزم واشنطن على تعزيز قدرتها على اتخاذ قرارات سريعة واستراتيجية مخصصة للواقع الإفريقي.
تتركز السياسة الأمنية الجديدة على محاربة التنظيمات الإرهابية المرتبطة بـ”داعش” و”القاعدة” في منطقة الساحل، التي تضم بوركينا فاسو ومالي والنيجر، والتي تعتبرها الولايات المتحدة “مركز الثقل الإرهابي” في القارة.
على الرغم من الحظر القانوني الأمريكي على التعاون مع أنظمة حكم عسكرية نتيجة لانقلابات على حكومات مدنية، تسمح القوانين الأمريكية للرئيس بتجاوز هذه القيود لأسباب أمنية. ويُتوقع أن تعيد واشنطن تفعيل التعاون الأمني مع أنظمة عسكرية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب وحماية المصالح الأمنية في المنطقة.
مواجهة النفوذ الاقتصادي والعسكري الصيني والروسي
تشكل مواجهة النفوذ الصيني، خصوصاً عبر مبادرة “الحزام والطريق”، أحد الأركان الأساسية لاستراتيجية ترامب في إفريقيا. وتولي الولايات المتحدة اهتماماً خاصاً للاستثمارات في المعادن الحيوية مثل الكوبالت والليثيوم والكولتان في الكونغو الديمقراطية، التي تهيمن عليها حالياً شركات صينية.
وقال الجنرال مايكل لانغلي، القائد السابق لأفريكوم، إن “لا تنمية اقتصادية بدون أمن”، مشدداً على أن القيادة العسكرية ستلعب دوراً محورياً في توفير بيئة آمنة للاستثمارات الأمريكية.
في المقابل، أظهرت الإدارة الأمريكية تجاهلاً واضحاً للنفوذ العسكري الروسي، رغم تصاعد وجود “فيلق أفريقيا” – الوريث الرسمي لمجموعة فاغنر – في منطقة الساحل، وإنشاء قاعدة بحرية روسية في بورتسودان بالسودان.
استقلالية أكبر وقرار استراتيجي جديد
تأتي هذه الخطوات في إطار قرار بفصل القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا عن الهيكل المشترك مع أوروبا، ما يعزز من الاستقلالية والقدرة على الاستجابة السريعة للأزمات الأمنية.
ويُرتقب أن يتم نقل مقر أفريكوم إلى المغرب، الذي يُعتبر موقعاً استراتيجياً بفضل موقعه الجغرافي وقدراته اللوجستية، فضلاً عن شراكته الأمنية الممتدة مع واشنطن، والتي تشمل تدريبات ومناورات عسكرية مشتركة مثل “الأسد الإفريقي”.



