المجموعة الإسبانية المتخصصة في الهندسة الصناعية GMV تغادر المغرب بعد 11 عاما من النشاط وتغلق فرعها الوحيد في إفريقيا

admin25 أغسطس 2025آخر تحديث :
المجموعة الإسبانية المتخصصة في الهندسة الصناعية GMV تغادر المغرب بعد 11 عاما من النشاط وتغلق فرعها الوحيد في إفريقيا


قررت المجموعة الإسبانية المتخصصة في البحث والتطوير والهندسة الصناعية، Grupo Mecánica del Vuelo Sistemas (GMV)، إنهاء تواجدها في المغرب بعد أحد عشر عاما من النشاط في الدار البيضاء، حيث شرعت في تصفية فرعها هناك، مما وضع حلاً لتجربتها الوحيدة في القارة الإفريقية.

القرار الذي اتخذته الشركة الإسبانية، المعروفة بتنوع أنشطتها وارتباطها بعدة قطاعات استراتيجية، لم يُرفق بأي توضيح رسمي لأسبابه، ما فتح الباب أمام تأويلات متعددة لمصادر اقتصادية وإعلامية إسبانية، بينها مجلة Challenge، التي اعتبرت أن فشل المجموعة في تحويل فرعها بالمغرب إلى قاعدة إنتاج قريبة (nearshore) تخدم عملاءها الدوليين قد يكون أحد الدوافع الرئيسة وراء الانسحاب، خاصة في ظل نجاح شركات أوروبية منافسة في تحقيق هذا التحول، مثل الشركة الألمانية FEV Group التي استطاعت أن تُشغل في فرعها المغربي أزيد من 150 مستخدمًا خلال سنوات قليلة فقط.

المجموعة، التي أسسها البروفيسور خوان خوسيه مارتينيث غارسيا سنة 1984، كانت قد افتتحت فرعها المغربي عام 2014، مستفيدة من انفتاح المملكة على الاستثمارات الأجنبية وسياساتها لجذب كبريات الشركات في مجالات الطيران والسيارات والتكنولوجيا وعلى امتداد أكثر من عقد من الزمن، قدّمت GMV خدماتها في مجالات متعددة، من بينها الطيران والسيارات والأمن السيبراني والدفاع والفضاء والصحة والنقل الذكي والخدمات العمومية الرقمية إلا أن هذه التجربة لم تُكلل بالنجاح المنتظر، إذ بدا أن المجموعة لم تتمكن من ترسيخ مكانتها داخل النسيج الصناعي المغربي أو بناء قاعدة صلبة تسمح لها بالتوسع في أسواق إفريقية مجاورة.

ولا يعكس هذا القرار ضعفا في السوق المحلية بحد ذاته، إذ إن المغرب لا يزال وجهة جاذبة لكبرى الشركات التقنية والهندسية لكن التجربة المتعثرة لـGMV تُبرز أهمية قدرة الشركة الأجنبية على بناء واكتمال عرض تنافسي يتكامل مع المنظومة الصناعية والجامعية المحلية فعلى العكس من ذلك، استطاعت شركات مثل FEV Group الألمانية أن تمد وجودها إلى مراكز اختبار وتطوير متقدمة، مثل المركز المشترك مع UTAC في وادي زم، الذي تجاوز عدد مستخدميه 150 خلال سنوات قليلة، مما جسّد نموذجًا ناجحًا لاستثمار تقني عميق.

أما سياق GMV الأكبر فيُبرز قدرة الشركة على المنافسة العالمية فقد تأسست وتطورت لتصبح مجموعة تكنولوجية تمتلك أكثر من 3,300 موظف حول العالم، وتغطي 11 مجالا من التخصصات مثل الفضاء والدفاع والفضاء والطيران والسيارات والأمن السيبراني والنقل الذكي والخدمات الرقمية ولديها مكاتب في أكثر من 12 دولة وتخدم ما يقارب 80 سوقا، وهي حائزة على تصنيف نضج CMMI من المستوى 5، وهو الأعلى عالميh في تحسين عمليات تطوير البرمجيات.

لكن الشركة، لم تكن بمنأى عن أزمات النزاهة ففي مارس 2021، أعلن البنك الدولي عن شطب مؤقت للشركة الفرعية “Grupo Mecánica del Vuelo Sistemas S.A.U.” لمدة ثلاث سنوات ونصف بسبب تورطها في ممارسات فساد وتواطؤ في مشاريع فيتنامية بنيوية، الأمر الذي منعها من المشاركة في مشاريع التمويل الدولي حتى شتنبر 2024،وذلك الشطب رفع بوادر تساؤل حول قدرة الشركة على الالتزام بمعايير الشفافية الدولية، وقد تأثيره على قرارها بخصوص الحفاظ على نشاطها بالمغرب.

 بيد أنه وعلى الرغم من ذلك، فقد أعيد تمكينها من المشاركة مجددا في مشاريع البنك الدولي بعد أن أثبتت التزامها بالمعايير المطلوبة، ما يعكس مرحلة إصلاحية داخلية قد لا تكون كافية لتبرير الانسحاب من المغرب وحده.

من جهة أخرى، تقدم الأرقام المالية لعام 2023 صورة مشرقة عن أداء GMV العالمي فقد سجّلت قطاعات الفضاء نموًا جماعيًا في المداخيل بنسبة 19%، وبلغت عائداتها من أنشطة الفضاء وحدها أكثر من 235 مليون يورو، مع سجل طلبات قياسي تجاوز 450 مليون، في الوقت الذي يعمل فيه أكثر من 1,600 شخص على مشاريع فضائية داخل الشركة. كما لعبت GMV دورًا محوريًا في مشروعات أوروبية وإقليمية هامة مثل تطوير قطاعات التحكم الأرضية لسلسلة Galileo الفضائية والتنسيق مع وكالة ESA وبرامج الدفاع مثل Eurodrone

ومما سبق، يتبين بين التجربة المغربية لـGMV والأداء العالمي الفاعل للشركة هو أن القدرة على الاستفادة من الفرص المحلية بالنسبة لهذه الشركة كانت تتطلب أكثر من مجرد إقامة مكتب بل بناء شراكات استراتيجية، والتكامل مع القطاعات الصناعية والتعليمية والتنموية المحلية، وتوفير موارد بشرية تلائم مشاريع عالمية، فليس كل نشاط أجنبي يفشل في الابتداء من المغرب، لكن من لا يكسب أرضية محلية مستدامة ولا يندمج بفعالية في البنية التحتية الوطنية، فبمرور الوقت قد يجد أن أفضل خيار أمامه هو الانسحاب.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة