الدور العربي المطلوب تجاه الإدارة الذاتية الديمقراطية واستقرار سوريا

admin8 يوليو 2025آخر تحديث :
الدور العربي المطلوب تجاه الإدارة الذاتية الديمقراطية واستقرار سوريا


بقلم : حكمت إبراهيم – ناشط سوري

تشهد سوريا منذ أكثر من عقد من الزمن أزمة معقدة متعددة الأبعاد، ساهمت في تفكيك مؤسسات الدولة، وتهديد وحدة أراضيها، وفتحت المجال لتدخلات خارجية متعددة. ورغم الجهود الكبيرة التي بذلتها مكونات من الشعب السوري في شمال وشرق البلاد – وعلى رأسها الإدارة الذاتية الديمقراطية – من أجل ترسيخ الأمن ومحاربة الإرهاب، إلا أن الدور العربي تجاه هذه المناطق ظل ضعيفًا وغير فاعل بما يكفي.

الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية: نموذج محلي للاستقرار

قدّمت الإدارة الذاتية خلال السنوات الماضية نموذجًا في الحكم المحلي الديمقراطي، وساهمت في هزيمة تنظيم داعش الإرهابي بالتعاون الوثيق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي كانت القوة الأساسية في معارك تحرير الرقة والباغوز ومناطق أخرى من قبضة التنظيم. وقدمت قسد تضحيات جسيمة في سبيل استعادة الأمن والاستقرار، حيث فقدت الآلاف من مقاتليها في معارك شرسة ضد الإرهاب.

ورغم كل هذه التضحيات، لم تحظَ هذه الجهود بالاعتراف والدعم العربي الكافي، لا سياسيًا ولا إنسانيًا. الإدارة الذاتية، بدعم من قسد، أثبتت قدرتها على حماية مناطق واسعة ومتنوعة من الناحية القومية والدينية، وحرصت دائمًا على الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، مؤكدة أنها جزء من أي حل وطني شامل.

غياب الدور العربي وتزايد التدخلات الإقليمية

في ظل هذا الواقع، كان من المفترض ان تبادر الحكومات العربية، و جامعة الدول العربية، إلى دعم هذه الجهود الوطنية، باعتبارها خط دفاع أول في مواجهة الإرهاب، ولما تمثله من عنصر استقرار حقيقي في سوريا. إلا أن ضعف الحضور العربي في الملف السوري ترك فراغًا استراتيجيًا، سعت قوى إقليمية غير عربية إلى ملئه، عبر تدخلات سياسية وعسكرية وفرض أجندات لا تخدم استقرار سوريا ولا مصالح شعوبها.

ملف الجهاديين وعائلاتهم: مسؤولية أخلاقية وإنسانية

ومن مظاهر التقصير العربي كذلك، أن كثيرًا من الدول العربية لم تقم حتى اليوم بجلب رعاياها الذين انضموا إلى صفوف تنظيم داعش، سواء من المقاتلين أو النساء والأطفال، والذين ما زالوا محتجزين في مخيمات تشرف عليها الإدارة الذاتية، مثل مخيم الهول ومخيم روج. هذا الإهمال لا يشكل فقط عبئًا أمنيًا وإنسانيًا على مناطق الإدارة الذاتية، بل يُعد أيضًا تنصلًا من المسؤولية القانونية والأخلاقية تجاه ضحايا التطرف من النساء والأطفال، ويُهدد بخلق جيل جديد من التطرف إذا تُرك دون معالجة.

معالجة هذا الملف تتطلب تحركًا عربيًا جادًا ومنسقًا لإعادة هؤلاء الرعايا، وتوفير برامج تأهيل ودمج مناسبة، بما يساهم في الاستقرار الإقليمي ويمنع تكرار مآسي الماضي.

ضرورة مراجعة عربية للموقف

اليوم، بات من الضروري أن تعيد الدول العربية النظر في تعاملها مع الملف السوري بشكل عام، ومع مكونات الشعب السوري كافة – دون تمييز أو إقصاء – وعلى رأسها الإدارة الذاتية الديمقراطية وقوات سوريا الديمقراطية، التي كانت جزءًا أصيلًا من الحرب على الإرهاب. هذه المكونات أثبتت حضورها الفاعل ميدانيًا وسياسيًا، ويجب أن يُعترف بها كشريك في الحوار الوطني من أجل مستقبل سوريا.

نحو دور عربي فاعل وشامل

يتطلب هذا الدور من الدول العربية المبادرة إلى:
1. فتح قنوات الحوار المباشر مع الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية.
2. دعم جهود المصالحة الوطنية السورية، بعيدًا عن الإقصاء أو التبعية لأجندات خارجية.
3. المساهمة في إعادة الإعمار والتنمية في المناطق المستقرة، بما يعزز من صمود السكان المحليين ويمنع عودة التطرف.
4. دعم صياغة دستور سوري وطني جامع يضمن الحقوق لجميع مكونات الشعب السوري.
5. حل ملف الجهاديين وعائلاتهم بشكل إنساني ومسؤول، من خلال استعادة الرعايا وتوفير برامج تأهيل ومتابعة دقيقة.

إن مستقبل سوريا لا يمكن أن يُبنى دون مشاركة حقيقية وفعالة من جميع أبنائها. والدور العربي يجب أن يتجاوز البيانات والوعود إلى خطوات عملية ملموسة. فاستقرار سوريا هو استقرار للمنطقة بأسرها، ودعم الإدارة الذاتية الديمقراطية وقوات سوريا الديمقراطية، وكل القوى الوطنية التي تعمل من أجل وحدة البلاد، هو حجر الأساس في أي حل سياسي شامل.





Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة