حُلم تبون الذي يواجه رفض النيجر ومُنافسة المغرب – الصحيفة

admin14 سبتمبر 2025آخر تحديث :
حُلم تبون الذي يواجه رفض النيجر ومُنافسة المغرب – الصحيفة


تجدد النقاش مرة أخرى حول مشاريع الطاقة الكبرى في إفريقيا بعد إعلان البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد، خلال فعاليات المعرض التجاري الإفريقي (IATF2025) الذي احتضنته الجزائر مؤخرا، عن استعداده لدعم مجموعة من المشاريع الطاقية، وعلى رأسها خط أنبوب الغاز العابر للصحراء (TSGP) الذي يهدف إلى نقل الغاز النيجيري عبر النيجر وصولا إلى الجزائر ومن ثَمَّ إلى الأسواق الأوروبية.

الإعلان، الذي جاء متزامنا مع خطاب قيادة البنك حول أهمية التكامل التجاري والقاري، قُرئ سريعا كرسالة دعم للتكامل الإقليمي، غير أنه أثار في المقابل تساؤلات جدية حول مدى قابلية ترجمة هذا الدعم المالي والسياسي إلى إنجازات ملموسة، خصوصا أن مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء (نيجيريا – الجزائر) ليس وليد اليوم، إذ طُرح منذ عقود ووقّعت بشأنه اتفاقات سياسية وتقنية منذ أواخر العقد الماضي، مع تحديد مسار يتجاوز طوله 4000 كيلومتر عبر نيجيريا والنيجر وصولا إلى الجزائر، لكنه ظل حتى الآن حبيس الدراسات والمذكرات أكثر من دخوله مرحلة التنفيذ الفعلي.

استحضار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، خلال كلمته أمام المشاركين في المعرض التجاري الإفريقي، لهذا المشروع، تفادى الدخول في العديد من التفاصيل، وخصوصا الأزمة المستمرة دول الساحل، والتي كان من بين أبرز أوجهها إعلان دولة النيجر الانسحاب من المشروع في ماي الماضي، حين أرجعت وزارة خارجيتها السبب إلى “استمرار التوترات وغياب بيئة تعاونية موثوقة بين البلدين”.

وحتى لو تم التغاضي عن ذلك، يظل التحدي الأمني أبرز العقبات أمام هذا المشروع، فالأنبوب يفترض أن يخترق أراضي النيجر، التي تحولت منذ انقلابها الأخير إلى ساحة صراع جيوسياسي معقد، حيث تتنازع قوى إقليمية ودولية النفوذ وسط هشاشة سياسية غير مسبوقة، حيث تعيش منطقة الساحل على وقع انتشار التنظيمات المسلحة المتطرفة، فضلا عن عصابات التهريب والهجرة غير النظامية، ما يجعل أي استثمار طويل الأمد في البنى التحتية هناك معرضا لمخاطر التفجير أو العرقلة أو الابتزاز.

ويبدو أن إحياء الجزائر لمشروع TSGP، رغم الإعلان عن دعم “أفريكسيم”، أقرب إلى محاولة سياسية لموازنة المبادرة المغربية أكثر من كونه مشروعا قابلا للتنفيذ في المدى المنظور، فالعوامل البنيوية ذاتها التي عطلت المشروع لعقود ما تزال قائمة، بدءا من هشاشة الأوضاع الأمنية والسياسية في الدول المعنية، وصولا إلى غياب رؤية تكاملية إقليمية تضمن قيمة مضافة حقيقية للدول التي يمر عبرها الأنبوب.

في المقابل، يعزز المشروع المغربي – النيجيري حضوره كخيار استراتيجي مختلف، إذ يعتمد على المسار الأطلسي الذي يمر عبر أزيد من 10 دول إفريقية من بينها بنين، توغو، غانا، كوت ديفوار، ليبيريا، سيراليون، غينيا، غينيا بيساو، غامبيا، السنغال وموريتانيا، وصولا إلى المغرب. 

هذه الدول، التي تشهد في مجملها أوضاعا سياسية وأمنية أكثر استقرارا مقارنة بمنطقة الساحل، تمنح المشروع بيئة تنفيذ أكثر موثوقية، كما أن امتداد الأنبوب عبر هذا العدد الكبير من الدول يعزز فرص الاستفادة المشتركة والمراقبة الجماعية، ويوفر ضمانات أكبر للشركاء والمستثمرين الدوليين.

ويتمسك المغرب بالمضي قدما في مشروع أنبوب الغاز مع نيجيريا، الذي يُعتبر أضخم مشروع لنقل الغاز في القارة الإفريقية، إذ يمتد على حوالي 5600 كيلومتر عابرا لأزيد من 10 دول، حيث كانت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، قد أوضحت قبل أشهر أن المشروع سيتم تنفيذه على مراحل، إذ جرى الانتهاء من دراسة الجدوى والدراسات الهندسية الأولية، فضلا عن تحديد المسار الأمثل للأنبوب.

كما أضافت الوزيرة أن العمل جار حاليا لإحداث “شركة ذات غرض خاص” بين المغرب ونيجيريا، في أفق اتخاذ القرار الاستثماري النهائي المتوقع مع نهاية السنة الجارية، وتُقدر كلفة المشروع بحوالي 25 مليار دولار، ويُنظر إليه باعتباره رافعة للتنمية الاقتصادية والصناعية والرقمية، ومصدرا لخلق فرص الشغل، فضلا عن كونه دعامة استراتيجية لتحويل المغرب إلى معبر رئيسي يربط أوروبا بإفريقيا والحوض الأطلسي.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة