زنقة 20 / الرباط
عادت إلى الواجهة في المغرب مؤخرا ظاهرة مقلقة تُعرف شعبياً بـ”شرع اليد”، حيث يأخذ المواطن على عاتقه تنفيذ “العدالة” في الشارع، معتمدًا في ذلك على الغضب الجماعي والانفعال اللحظي بدل القانون والقضاء.
ورغم أن هذه الظاهرة ليست جديدة في المجتمع المغربي، إلا أن تكرارها في الآونة الأخيرة، وتداولها على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يطرح تساؤلات جوهرية مدى وعي المواطنين بخطورة هذه التصرفات على تماسك المجتمع.
من أبرز الوقائع التي هزّت الرأي العام مؤخرًا، ما حدث في الراشيدية حين قام مواطنون بتعنيف شخص يُشتبه في ارتكابه جرائم خطيرة، وُصف إعلامياً بـ”سفاح أوفوس”.
التدخل السريع لعناصر الدرك الملكي حال دون تعرضه للقتل، في مشهد أعاد النقاش حول من يملك سلطة العقاب.
واقعة أخرى مشابهة شهدها موسم إملشيل، حيث أقدم مواطنون على محاصرة شخص اتُهم بالسرقة داخل سوق الماشية، وتم الاعتداء عليه جسديًا قبل تدخل السلطات.
هذه السلوكات، على غرار واقعة صفع قائد تمارة، أو مطاردة سائقي سيارات الأجرة لسائقي تطبيق النقل “إن درايفر”، أو حتى اقتتال مهاجرين أفارقة في الدار البيضاء، تعكس جميعها حالة من التوتر الاجتماعي، وانفلات سلوكي في التعاطي مع الخلافات أو الشبهات.
ما وراء “شرع اليد”
يرى متابعون أن هذه الظاهرة لا يمكن قراءتها فقط كممارسات فردية معزولة، بل يجب فهمها كنتاج لأزمة مركبة تتجلى أساسا في غياب التربية القانونية لدى فئات واسعة من المواطنين.
الردود الغاضبة، وإن كانت نابعة أحياناً من شعور بالظلم أو الحيف، إلا أنها تهدد بتقويض مبدأ سيادة القانون، وتفتح الباب أمام تصفية الحسابات، وتظلم الأبرياء، وشرعنة العنف الجماعي.
العديد من الحقوقيين والفاعلين المدنيين يؤكدون رفضهم المبدئي لهذه السلوكات، ويشددون على أن معاقبة المجرمين ليست مهمة المواطن، بل مسؤولية الدولة من خلال أجهزتها الأمنية والقضائية. إذ لا يمكن بأي حال تبرير تعنيف مشتبه فيه، مهما كانت التهم الموجهة إليه، خارج مسار المحاكمة العادلة.
كما حذروا من أن “شرع اليد” قد يتحول إلى أداة للانتقام وتصفية الحسابات الشخصية، وهو ما يُعد تهديداً خطيراً للسلم الاجتماعي، خاصة في مناطق تعرف هشاشة و عزلة عن الخدمات الأساسية.




