توصل الملك محمد السادس، اليوم الثلاثاء، برسالة من الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، والتي لم يتم الكشف عن مضمونها، إلا أن الملاحظ هو أن هذه الخطوة تأتي بعد 24 ساعة فقط من أمر مشابه كان مسرحه قصر المرادية في الجزائر.
ويوم أمس الاثنين، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، استقبل سفير المملكة العربية السعودية بالجزائر العاصمة، عبد الله بن ناصر البصيري، الذي سلمه رسالة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
واليوم الثلاثاء استقبل الملك محمد السادس، اليوم الثلاثاء بالقصر الملكي بالدار البيضاء، الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود، وزير الدولة، عضو مجلس الوزراء السعودي، حاملا رسالة من العاهل السعودي وولي عهده.
ولم تكشف رئاسة الجمهورية الجزائرية، ولا وسائل الإعلام الرسمية هناك، عن مضمون هذه الرسالة إلى غاية الآن، وهو الأمر نفسه الذي تكرر مع القصر الملكي المغربي، إذ لم تكشف القصاصة التي نشرتها وكالة المغرب العربي للأنباء عن فحوى الرسالة.
غير أن هذا الأمر يشي بوجود مساعي سعودية لتقريب وجهات النظر بين البلدين المغاربيين الجارين، وقد يكون نقطة انطلاق لوساطة عربية من أجل طي ملف الصحراء، في ظل تطور مواقف العديد من القوى الكبرى في اتجاه دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي.
ومن شأن وساطة المملكة العربية السعودية، في حال ما تمت بالفعل، أن تُسهم في العمل على طي بشكل “يحفظ ماء وجه” جميع الأطراف، و”دون غالب ولا مغلوب”، وهي الصيغة التي دعا إليها العاهل المغربي في خطاب العرش بتاريخ 29 يوليوز 2025.
وقال الملك محمد السادس حينها “نؤكد حرصنا على إيجاد حل توافقي، لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف”، وذلك في سياق حديثه عن “الدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي، كحل وحيد للنزاع حول الصحراء المغربية”.
وقد تسبقُ الوساطة السعودية، إن تمت على أرض الواقع، قرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بشأن قضية الصحراء، في ظل وجود إرهاصات تنم عن تحول جذري في القرار المنتظر الذي ستتولى الولايات المتحدة الأمريكية صياغته.
وفي ظل إعلان إدارة الرئيس دونالد ترامب، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا، استمرارها في دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي كحل وحيد لقضية الصحراء، سبق لمصادر دبلوماسية أن أكدت لـ”الصحيفة” أن الرباط تعمل حاليا على إعادة تعريف البعثة الأممية إلى الصحراء وإقبار خيار الاستفتاء تماما.
ويبرز أيضا الدعم العلني لكل من فرنسا والمملكة المتحدة، العضوان الدائمان في مجلس الأمن، للطرح المغربي، إلى جانب دعم جل الأعضاء غير الدائمين، مع “الحياد” الذي تتبناه كل من الصين وروسيا، وهو ما يُمهد لإنهاء مهام “المينورسو” واستبدالها ببعثة جديدة لتنزيل الحكم الذاتي.
وستجد الجزائر نفسها، باعتبارها عُضوا غير دائم في مجلس الأمن، أمام موقف صعب إذا ما تم ذلك، وهو ما يجعل من الوساطة السعودية “مخرجا” براغماتيا، يُظهر الطرفين كأنهما قبلى بالحلول الوسطى، وفي الوقت نفسه يُثبت مغربية الصحراء، وهو الموقف الرسمي المعلن للرياض.



