الأولية لمشروع قانون يُحقق انفراجة سياسية والضريبة على الثروة آلية لتقليص الفوارق الاجتماعية – الصحيفة

admin9 أكتوبر 2025آخر تحديث :
الأولية لمشروع قانون يُحقق انفراجة سياسية والضريبة على الثروة آلية لتقليص الفوارق الاجتماعية – الصحيفة


خرج البرلماني السابق عمر بلافريج عن صمته السياسي الطويل أخيرا، ليعلن أن المغرب يعيش لحظة مفصلية لا يمكن تجاوزها إلا بانفراج سياسي شامل يفتح أبواب الحرية ويعيد الثقة المهدورة بين المواطن والدولة في زمن تتكاثر فيه الشعارات وتغيب الإرادة، حيث اختار السياسي اليساري المعتزل أن يضع إصبعه على الجرح، مؤكدا أن المشكلة ليست في الأفكار أو الكفاءات بل في غياب رغبة حقيقية لدى من بيدهم القرار وأن استمرار اعتقال الصحافيين والنشطاء ومعتقلي الريف يحول المشهد السياسي إلى مجرد مسرحية باهتة لم تعد تقنع أحدا.

وأكد البرلماني السابق عمر بلافريج، خلال استضافته في برنامج “السياسة بصوت جديد” الذي يقدمه شباب جيل Z وأيضا في نقاش مطول عبر منصة “ديسكورد” مع الحركة نفسها، أنه لا ينوي العودة إلى السياسة حاليا مشددا على أن المرحلة الراهنة تتطلب بداية جديدة قوامها الانفراج السياسي وتوسيع مجال الحريات، باعتبار ذلك المدخل الأساس لأي إصلاح حقيقي في البلاد. 

وأوضح أن أول قرار سيتخذه لو كان رئيساً للحكومة سيكون تقديم مشروع قانون خاص بالانفراج السياسي، يهدف إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين بمن فيهم معتقلو حراك الريف، ورفع كل أشكال المضايقة عن الصحفيين سواء في القطاع العمومي أو الخاص وأضاف أن الحرية ليست ترفا بل هي شرط أساسي لتفعيل أي نموذج تنموي، وأن غيابها يجعل المشهد السياسي أقرب إلى مسرحية مكررة لا تقنع أحداً، وهو ما يبرر الحاجة إلى إصلاح جذري يعيد الثقة ويعيد الاعتبار للنقاش العمومي.

وتوقف بلافريج عند أولويات الحكومة التي اعتبر أنها ينبغي أن تنطلق من إصلاح قطاعي التعليم والصحة، باعتبارهما القاعدة الصلبة لأي تنمية شاملة كما انتقد ضعف الميزانيات المرصودة لهذين القطاعين الحيويين، رغم أن النموذج التنموي الجديد نص بوضوح على مؤشرات دقيقة، من بينها تخصيص 1,65 مقدم خدمة صحية لكل ألف نسمة وأكد أن غياب الرغبة السياسية الحقيقية هو المشكل الأساسي في المغرب، وليس غياب الأفكار أو الكفاءات، لافتاً إلى أن أي مشروع إصلاحي يظل مجرد شعارات إذا لم يقم على إرادة سياسية جادة تتبنى القطاعات الاجتماعية كأولوية مطلقة.

وفي معرض حديثه عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي، جدد بلافريج الدعوة إلى اعتماد ضريبة على الثروة كآلية لتقليص الفوارق الاجتماعية وتحقيق عدالة جبائية منصفة واعتبر أن أفكار التضامن قابلة للنقاش، لكن لا يمكن الحديث عن عدالة اجتماعية دون مساهمة عادلة من الفئات الميسورة كما أبرز أن تطبيق هذه الضريبة سيساعد على خلق انسجام اجتماعي ويعزز ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة مشددا على أن العدالة الضريبية ليست مطلبا ثانويا وإنما ركيزة لأي عقد اجتماعي جديد يربط المواطن بدولته على أسس من المساواة والإنصاف.

وتوقف عند إشكالية التواصل بين المنتخبين والمواطنين، مذكّرا بأن النظام الداخلي للبرلمان ينص صراحة على إلزام كل نائب بإنشاء موقع إلكتروني للتواصل مع الساكنة غير أن هذا المقتضى لا يُطبق في الواقع ومن هذا المنطلق، خاطب شباب جيل Z قائلا إن الضغط البناء المنظم والسلمي هو الطريق لتغيير موازين القوى، مؤكداً أن المغرب يزخر بطاقات بشرية غيورة على وطنها وما ينقصها سوى دفعة أمل حقيقية لإطلاق طاقاتها الإيجابية.

وكشف بلافريج عن رؤيته للوضع السياسي الراهن، معتبراً أن الأزمة الحالية لا تكمن في غياب الحلول للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية، بل في الافتقار إلى إرادة سياسية حقيقية لدى المسؤولين لتطبيقها وأعلن أنه قرر كسر صمته الإعلامي والسياسي الذي التزم به منذ انتهاء ولايته البرلمانية، مبررا هذه الخطوة بظهور ما وصفه بـ”جيل جديد من الوطنيين” يمثله هؤلاء الشباب، الذين أعادوا إليه الأمل في إمكانية التغيير انطلاقاً من قواعد شعبية جديدة ومنظمة. 

وأوضح أن ابتعاده عن المشهد العام كان قرارا متعمدا يهدف إلى إفساح المجال أمام أصوات ومناضلين جدد لقيادة المرحلة خصوصا بعد ما اعتبره فشلا في تحقيق بعض المشاريع السياسية التي انخرط فيها، وعلى رأسها محاولة توحيد قوى اليسار في إطار حزبي قوي ومنظم.

وأشار إلى أنه تلقى دعوات كثيرة للحوار، لكنه اختار الاستجابة لدعوة هذه الحركة الشبابية تحديدا لأنه لمس لديها وعيا سياسيا حقيقيا وحماساً وطنيا نابعا من إرادة صادقة في الإصلاح، وهو ما دفعه إلى اعتبار مشاركة تجربته معهم واجبا لدعم النفس الجديد الذي تحتاجه الساحة الوطنية. 

وأكد البرلماني السابق أن تشخيصه للمشهد المغربي لم يتغير، حيث لا يزال البلد يسير وفق منطق “المغرب بسرعتين” الأول يستفيد من كل الامتيازات ومشاريع التنمية، والثاني يعاني من التهميش ونقص حاد في الخدمات الأساسية وشدد على أن الحكومة الحالية مثل سابقاتها، لا تضع القطاعات الاجتماعية الحيوية كالصحة والتعليم على رأس أولوياتها الحقيقية، وهو ما يتجلى بوضوح في الميزانيات المرصودة لها وفي الواقع المتردي الذي يعيشه المواطنون يوميا الأمر الذي يغذي الشعور بالإحباط ويفقد المواطن الثقة في المؤسسات.

وتابع بلافريج بالقول إن المناخ العام في البلاد تأثر سلبا بتضييق الخناق على الحريات، مستشهدا باستمرار اعتقال عدد من الصحفيين والنشطاء، ومن بينهم معتقلو حراك الريف واعتبر أن هذه الممارسات تجعل دوره كسياسي معتدل يسعى للإصلاح من داخل المؤسسات أمرا صعبا ويكاد يكون بلا جدوى، حيث يشعر بأن صوته لم يعد له مكان في ظل غياب نقاش عمومي حر وصحافة مستقلة قادرة على ممارسة دورها في الرقابة والمحاسبة. 

ومن هذا المنطلق دعا بوضوح إلى ضرورة تحقيق انفراج سياسي كشرط أساسي ومسبق لأي إصلاح جاد، موضحاً أن هذه الخطوة تبدأ بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ورفع القيود عن حرية الصحافة والتعبير وأضاف أن هذا الانفراج من شأنه أن يعيد بناء الثقة المفقودة بين المواطن والدولة، ويخلق الأجواء الملائمة لفتح حوار وطني حقيقي تشارك فيه جميع القوى الحية في البلاد للاتفاق على رؤية مشتركة للمستقبل.

وفي حديثه عن الحلول العملية، شدد بلافريج على ضرورة إعادة ترتيب الأولويات في الميزانية العامة للدولة، معتبرا أن بالإمكان تقليص النفقات في قطاعات أقل أهمية وتوجيه تلك الأموال بشكل مباشر لضخ ميزانيات ضخمة في قطاعي التعليم والصحة كما جدد دعوته إلى تحقيق العدالة الجبائية عبر إقرار ضرائب تصاعدية على الثروات الكبيرة والإرث، وإنشاء “صندوق للتضامن العادل بين الأجيال” لتمويل المشاريع الاجتماعية وتقليص الفوارق الصارخة بين فئات المجتمع ومناطقه.

وخلص في نهاية حديثه إلى أنه، ورغم تشاؤمه من قدرة البنية السياسية التقليدية على إصلاح نفسها، فإن أمله معقود على الحركات الشبابية الجديدة والواعية التي ظهرت مؤخرا واعتبر أن هذه الحركات تمثل قوة ضغط حقيقية وقادرة على تحريك المياه الراكدة وفرض نقاش حول القضايا الجوهرية التي تهم مستقبل جميع المغاربة، مؤكدا أن استمرار نضالها وضغطها المنظم هو السبيل الوحيد لدفع المسؤولين نحو تبني إرادة سياسية حقيقية للتغيير.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة