قال مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن المنتدى الوطني الخامس للتطوع التعاقدي يندرج في إطار التفعيل الميداني لاستراتيجية الوزارة في مجال العلاقات مع المجتمع المدني “نسيج” للفترة الممتدة بين سنتي 2022 و2025، والتي تم الحرص منذ مستهل هذه الولاية الحكومية على إعدادها وفق نفس تشاركي، امتزجت فيه طموحات الفاعلين من من أجل ترسيخ دعائم مجتمع مدني فاعل، باعتباره شريكاً أساسياً في المسار التنموي، وقطاع داعم لمجهودات القطاعين العام والخاص في مختلف المجالات.
ويأتي هذا التوجه، وفق كلمة بايتاس خلال افتتاح المنتدى، مساء اليوم الجمعة بأكادير، ترجمةً لأحكام الدستور ولمضامين لتوجيهات الملك محمد السادس الذي ما فتئ يشيد بالمجهودات التطوعية للمجتمع المدني ودعوته إلى التشبث بها، باعتبارها رباطاً وقيمة تجمع المغاربة، مع الحرص على تعزيزها وتيسير سبل إعمالها.
وشدد بايتاس على أن المغرب، كدولة عريقة في قيم التضامن والتآزر، ظل على الدوام شاهداً على عمق الروح التطوعية المتجذّرة في شخصيته الجماعية، والمستندة إلى القيم الوطنية والدينية والإنسانية التي تميز المواطن المغربي، مؤكدا أن العمل التطوعي الذي ينطلق من دوافع إنسانية نبيلة، يشكّل مؤشراً حقيقياً على مستوى انخراط الأفراد والجماعات في المسار الاجتماعي التنموي الشامل.
وفي هذا السياق، أشار بايتاس إلى تقرير المندوبية السامية للتخطيط الصادر سنة 2023 الذي أشار إلى أن 93,3 في المائة من مؤسسات المجتمع المدني لجأت إلى العمل التطوعي خلال سنة 2019، حيث استفادت من خدمات نحو 240 ألف متطوع بصفة منتظمة، ساهموا بما يقارب 193 مليون ساعة عمل، كما سجل القطاع الجمعوي مشاركة أكثر من 4,2 مليون متطوع غير منتظم، ساهموا بحوالي 72 مليون ساعة عمل لفائدة مؤسسات غير ربحية، وهو ما يعادل حوالي 315 ألف متطوع بصفة منتظمة.
وأوضح الوزير أن هذا العمل المدني المقدر يجسد بصدق عمق الشخصية المغربية، التي جعلت من التعاون والتضامن بعداً اجتماعياً متجذراً، يستوجب الاعتزاز به والعمل على تثمينه وترسيخه على المستويين الفردي والمؤسساتي.
ويأتي هذا المنتدى الذي ننظمه اليوم محطة للوقوف عند الأهمية البالغة التي يكتسيها العمل التطوعي، وفرصة لتقاسم الأفكار والتجارب والابتكارات للنهوض بهذا العمل انسجاما مع التحولات التي نعيشها اليوم، ورسم خارطة طريق مستقبلية لتطوير العمل التطوعي وجعله أكثر انسجاماً مع حاجيات مجتمعنا الراهنة والمستقبلية.
وأوضح أن هذا المنتدى الوطني الخامس للجمعيات الذي ينعقد تحت شعار: “العمل التطوعي التعاقدي رهان لتحقيق التنمية وتعزيز أدوار جمعيات المجتمع المدني”، يلخص توجهين استراتيجيين أساسيين للوزارة في مجال العلاقات مع المجتمع المدني.
ويتعلق البرنامج الأول بتنمية قدرات الجمعيات، من خلال تنظيم سلسلة من المنتديات حول المجتمع المدني، بهدف فتح فضاءات للحوار وتبادل التجارب والاستفادة من الخبرات الميدانية والمنجزات التي راكمها العمل الجمعوي الإنساني، يضيف الوزير.
أما البرنامج الثاني، وفق بايتاس، فيهمّ تعزيز البيئة القانونية لعمل جمعيات المجتمع المدني، من خلال استكمال الإطار التنظيمي للقانون رقم 06.18 المتعلق بتنظيم العمل التطوعي التعاقدي، وذلك عبر إعداد وإصدار المرسوم التنفيذي والقرارات التطبيقية المنصوص عليها، وتفعيل هذا الإطار القانوني المتكامل بإحداث لجنة الاعتماد المكلفة بدراسة طلبات التنظيم العام للتطوع التعاقدي، استناداً إلى مقتضيات القانون.
وأورد المسؤول الحكومي أن الوزارة عززت هذا الصرح من خلال إحداث بوابة رقمية وطنية للعمل التطوعي التعاقدي، لتيسير المساطر والإجراءات، باعتبارها شباكاً وحيداً ووجهة مركزية للجمعيات التطوعية، إلى جانب إعداد دليل مبسط حول كيفية استعمال البوابة، ووضع استراتيجية للتعريف بها على نطاق واسع، باعتبارها أحد المستجدات التشريعية التي تعزز دينامية العمل الجمعوي في بلادنا.
وأردف المتحدث أن هذا المنتدى، الذي نفتتح أشغاله اليوم بمشاركة كافة الفاعلين من القطاعات الحكومية وجمعيات المجتمع المدني، يشكل تتويجاً لمسار تشاركي بناء، لا يقتصر على تعزيز عمل الجمعيات، بل يتعداه إلى ترسيخ ثقافة التطوع، وتكريس ممارسات المواطنة المسؤولة، وتقوية المؤسسات الاجتماعية للدولة التي يسودها التضامن والتكافل، وإعطاء دفعة جديدة لمسارات التنمية الشاملة والمستدامة.



