أكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن الملك محمد السادس عبّر في أكثر من عشر خطابات ملكية عن “اليد الممدودة” تجاه الجزائر، مشددًا على أن الدعوة إلى الحوار ليست موقفًا طارئا، بل خيارا استراتيجيًا ثابتا في الرؤية الملكية.
وأوضح بوريطة، في حوار مع القناة الثانية، أن الملك جدد في خطابه الأخير الدعوة إلى “حوار صريح ومباشر” مع الجزائر من أجل طيّ صفحة الخلافات الثنائية، مؤكدا أن “المغرب والجزائر لا يحتاجان إلى وساطة، بحكم القرب الجغرافي والروابط التاريخية، وبحكم معرفة كل طرف بالآخر”.
وقال الوزير إن الملك اختار هذه المقاربة “حتى في لحظات الانتصار”، حيث اعتبر أن ما جرى في مجلس الأمن “ليس انتصارًا لدولة على أخرى، بل لحظة مسؤولية تفرض العمل من أجل حل واقعي يقوم على مبدأ لا غالب ولا مغلوب، ويحفظ كرامة ومصلحة الجميع”.
وأضاف بوريطة أن “المغرب يتعامل مع الاعتراف الأممي بمشروعية مقترح الحكم الذاتي بروح من المسؤولية والاتزان، إيمانًا منه بأن هذا الخيار هو السبيل الوحيد نحو حل نهائي ومتوازن”.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن القرار الأممي الأخير أظهر عزلة الطرح الانفصالي، مبرزًا أنه “لم تعترض أي دولة على القرار، بينما اختارت الجزائر عدم المشاركة في التصويت”، وهذا الأمر يفسر بمنطق القانون الدولي أن الدولة لها مشكل مع السياق وليس القرار بحد ذاته، غير أنه لكل دولة سيادتها لتفسر مواقفها.
وبخصوص وجود وساطة أمريكية بين المغرب والجزائر، أبرز بويطة أن الموقف الملكي كان دائما واضحا من هذه النقطة، مشيرا إلى أن المغرب والجزائر لا يحتاجان وساطة بحكم القرب الجغرافي والتاريخ، وغيرها، إذ لا يوجد من يعرف الجزائر أكثر من المغرب ولا من المغرب أكثر من الجزائر، موضحا أن الملك له قناعة بأن المغرب والجزائرلديهم امكانية لحل مشاكلهم بنفسهم.
تحيين مبادرة الحكم الذاتي
وفي ما يتعلق بمبادرة الحكم الذاتي، أبرز بوريطة أن الخطاب الملكي دعا إلى تحيين المبادرة التي طُرحت سنة 2007، بما ينسجم مع التحولات الدستورية والمؤسساتية التي عرفها المغرب لاحقًا.
وأشار في هذا السياق إلى أن “إقرار دستور 2011، وإطلاق الجهوية المتقدمة سنة 2015، ثم النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية في العام نفسه، وصولًا إلى النموذج التنموي الوطني في 2021، كلها مراحل عناصر تغني المبادرة.
وأكد بوريطة أن “المبادرة التي كانت في 2007 مبادرةا للتفاوض، لكن اليوم باتت أساس للتفاوض، ما يستدعي تفصيلًا أدق في ما يخص الأجهزة والاختصاصات والإمكانيات، مشددًا على أن “الملك يعرف تمامًا إلى أين يريد أن يصل بهذه المبادرة، ويدرك المحطات التي قطعتها لتصبح اليوم أساس الحل السياسي المتوافق عليه دوليا”.
أورد الوزير بأن المغرب “يبقى منفتحًا على الحوار والتعاون في مناخ من الاحترام والمسؤولية”، مؤكدًا أن “تحيين مبادرة الحكم الذاتي يجسد إرادة ملكية في الجمع بين الواقعية السياسية والرؤية المستقبلية، من أجل بناء فضاء مغاربي متماسك ومستقر يخدم مصالح شعوب المنطقة كافة”.



