يبدو أن المنظومة البنكية المغربية تدخل عهدًا جديدًا، بحيث تتوالى المؤشرات الدالة على اقتراب وصول البنك الرقمي البريطاني الأكثر شعبية في العالم “ريفوليت” (Revolut) إلى السوق المغربية، ما سيؤدي لتسريع رقمنة الخدمات المالية، كون الأبناك التقليدية نفسها ستضطر لمواكبة هذا التحول البارز للبقاء في مضمار المنافسة.
وكان والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، قد أعلن متم شتنبر الماضي أن البنك الرقمي البريطاني أبدى اهتمامه بالسوق المغربية، مؤكداً أن المؤسسة البنكية العابرة للقارات كانت قد عقدت اجتماعا في يونيو الماضي مع الإدارة العامة لبنك المغرب.
وبالاستناد لأقوال والي البنك المركزي، فقد شهد شهر أكتوبر الماضي زيارة لمجلس إدارة البنك الرقمي البريطاني للرباط من أجل عرض مشاريعه، حيث أكد المسؤول أن الترخيص لـ”ريفولت” في عدد من البلدان اقتصر على أنشطة محددة، وأن بنك المغرب سيعتمد مقاربة مماثلة تراعي خصوصيات السوق المحلية، دون منح تفاصيل أوفى عن الموضوع.
ومع مطلع نونبر الجاري، كتب ياسين فقير بعد تعيينه مديرا عاما للمؤسسة بالمغرب على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “لينكد إن”؛ “فخور بانضمامي لمغامرة Revolut بصفتي المدير العام للمغرب، وبتواجدي ضمن فريق استثنائي يتميز بطموح عميق… لم أشعر قط بهذا القدر من الحماس لما هو قادم”.
قبل ذلك، وتحديداً خلال صيف العام ذاته، عينت المجموعة البريطانية المغربي أمين برادة في منصب رئيس مصلحة العمليات بالمغرب، وكلها إشارات على الانتقال من مرحلة تقييم السوق إلى مرحلة أكثر مؤسساتية، تركز على المناقشات التنظيمية وهيكلة نموذج العمل المستقبلي.
من جانبه، أكد الفاعل في قطاع التكنولوجيات المالية؛ منير بوكليت، أن وصول أكثر البنوك الرقمية شعبية في العالم إلى المغرب يعني أن القطاع البنكي المغربي لن يبقى على حاله بعد ذلك.
وأوضح أنه “بفضل حساباتها متعددة العُملات، وشفافيتها في الرسوم البنكية، ونهجها المعتمد كليًا على الهاتف النقال، يعِد هذا البنك البريطاني من الجيل الجديد بثورة حقيقية في تجربة الخدمات البنكية للمستهلك المغربي”.
وفي ما يتعلق بالمستجدات التي يمكن أن يأتي بها وصول “ريفوليت” للسوق المغربية، استعرض الخبير مجموعة منها؛ على غرار إمكانية امتلاك حساب واحد لتدبير الدراهم والأورو والدولار، والقيام بتحويلات فورية بأسعار صرف حقيقية، وكذا التوفر على تطبيق هاتفي يُظهر نفقات الزبون ورسومه في الزمن الفعلي”.
كما أشار إلى أن المغاربة المقيمين بالخارج، والمسافرين، والشباب، سيحظون بمكاسب هائلة على مستوى البساطة والمرونة.
لكن علاوة على المنتج في حد ذاته، يرى الفاعل أن هذا التحول قد يمثل هزة للسوق البنكية بأكملها في المغرب، بحيث سيتعين على على البنوك التقليدية المحلية تعزيز عروضها الرقمية، بسبب اشتداد المنافسة على مستوى الرسوم والشفافية في الأسعار. كما سيكون عليها تطوير معايير “تجربة الزبناء” للبقاء في مضمار المنافسة وعدم فقدان زبنائها لـ”ريفوليت” ومن سيحذو حذوها لاحقاً.



