عبرت الجمعية المغربية للعدول، في بيان رسمي، عن صدمتها وغضبها الكبيرين إزاء مشروع القانون 16.22، الذي صادق عليه المجلس الحكومي يوم الخميس 19 نونبر 2025، واعتبرته خطوة تهدد مستقبل مهنة التوثيق العدلي بالمملكة المغربية، واصفة إياه بـ”النكبة”.
وأكدت الجمعية رفضها التام والمطلق لمشروع القانون، واعتبرت أنه يفرغ المهنة من بعض ما تبقى فيها من مكاسب، ويحوّل القانون المهني إلى أداة تفتيش ومحاسبة وعقوبات، منددة بالنفس الإقصائي والتمييزي واللادستوري الذي تميزت به مواد المشروع، لافتة إلى الإصرار على تنميط المهنة وحرمانها من آليات الاشتغال التي تؤهلها للاستجابة للحاجيات التوثيقية.
وأضاف البيان أن إسقاط الحق في الإيداع، الذي كان مقرراً في النصوص الأولى للمشروع قبل إقراره بصيغته النهائية، شكل صدمة واعتبر ضرباً للمبادئ الدستورية التي تقضي بالمساواة بين المهنيين والمرتفقين في الحقوق والواجبات وآليات الاشتغال.
واعتبرت الجمعية أن هذا التراجع الخطير يكرس الميز والريع التشريعيين، ويضيق على مهنة التوثيق العدلي لفائدة المهنة التوثيقية المنافسة التي أعلنت صراحة أنها ستسعى لحرمان العدول من هذه الآلية.
وأشار البيان إلى أن المشروع يشكل تراجعاً خطيراً عن كل ما تم الاتفاق عليه في حوارات وتفاهمات الوزارة مع الهيئة الوطنية للعدول خلال الولايات السابقة، مما يثير تساؤلات حول خلفيات هذا التراجع ويطرح سؤالاً حول استهداف المهنة والإجهاز على مكاسبها كمقدمة لإعدامها بنص القانون، فيما كان المتوقع أن يأتي القانون بما يطور المهنة ويؤهلها للمواكبة والاندماج في النسيج التنموي والاجتماعي والاقتصادي للبلاد.
كما شددت الجمعية على أن أي اعتداء على مهنة التوثيق العدلي هو اعتداء على مكون من مكونات الهوية الوطنية والذاكرة الاجتماعية والتاريخية للمملكة المغربية، مؤكدة رفضها لأي مشروع قانون لا يتضمن المطالب الكبرى للعدول.
وأضاف البيان أن مسألة حساب الودائع ليست مجرد مطلب مهني، بل تعتبر معياراً لصدق الحكومة في التعامل مع المهن من البعد الوطني والمرفقي، إذ يجب النظر إلى المهن التوثيقية من زاوية المواطنين المرتفقين وليس فقط من زاوية المهنيين، مع ضمان تمتيع المرتفقين بحقوقهم في الحصول على الخدمة التوثيقية وحماية مركزهم القانوني.
وأبدت الجمعية أسفها واستغرابها من حالة الصمت التي قابلت بها رئاسة الهيئة الوطنية ولجنة الحوار المصادقة الحكومية على المشروع، واعتبرت هذا الصمت خذلاناً للعدول وخيانة للمهنة ومنتسبيها، مطالبة إياها ب”تحمل المسؤولية التاريخية في رفض المشروع والمطالبة بسحبه”.
كما شددت على ضرورة اللجوء إلى كل الوسائل القانونية لوقف ما وصفته بـ”المجزرة المهنية”، ومخاطبة كل المؤسسات الدستورية، وفي مقدمتها رئاسة الحكومة ووزارة العدل، من أجل سحب المشروع وملاءمته مع المبادئ الدستورية ومطالب العدول المشروعة، مع التمسك بأهداب العرش العلوي المجيد والثقة الكاملة في مولانا صاحب الجلالة المنصور بالله لرفع الحيف والتمييز عن عدول المملكة.
ودعت الجمعية في بيانها كل العدول إلى اليقظة والتجند التام، والثقة في عدالة ومشروعية مطالبهم التي نادت بها أجيال المهنة، مع الاستعداد للدفاع عن المهنة وحقوق منتسبيها بكل الوسائل حسبما تقتضيه الضرورة والمصلحة.
والخميس الفارط، صادق مجلس الحكومة، برئاسة عزيز أخنوش، على حزمة من المشاريع القانونية المهمة؛ في مقدمتها مشروع القانون رقم 16.22 المتعلق بتنظيم مهنة العدول، والذي يأتي “كاستجابة مباشرة للدور المحوري الذي يلعبه العدول في تحقيق الأمن التوثيقي والتعاقدي، وحماية الحقوق والأنساب ضمن منظومة العدالة، حيث الهدف الأساسي من القانون هو “مراجعة الإطار القانوني الحالي”.
وحسب ما أوضحه بلاغ للوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان-الناطق الرسمي باسم الحكومة، فأبرز مستجدات النص القانوني تتمثل في “التنصيص الصريح على فتح المجال أمام المرأة للانخراط في المهنة، تفعيلا للتوصية رقم 11 من الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة وانسجاما مع التوجيهات الملكية السامية؛ مما يشكل “خطوة نوعية نحو تعزيز المساواة في المهن القانونية والقضائية”. كما تضمن المشروع مستجدات تهم “تنظيم تحرير العقود والشهادات، وحفظ السجلات، وتنظيم شهادة اللفيف، وهيكلة الهيئة الوطنية للعدول”.
يأتي مشروع هذا القانون، وفق المصدر نفسه “بالنظر للدور المحوري الذي يضطلع به العدول في منظومة العدالة، لا سيما ما يتعلق بتوثيق الحقوق والمعاملات والحفاظ على أعراض الناس وأنسابهم وتحقيق الأمن التوثيقي والتعاقدي الذي يجنب الأطراف الوقوع في النزاعات واللجوء إلى القضاء لفض الخصومات”، بتعبير المصدر ذاته.
ويهدف هذا المشروع إلى مراجعة الإطار القانوني الحالي المنظم للعدول بمقتضى القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.56 بتاريخ 14 فبراير 2006.



