أجمعت فرق الأغلبية بمجلس المشتشارين على حلول وقت دمج “مغرب السرعة الثانية” في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها عدد من المدن المغربية في أفق تحقيق حلم المغرب الصاعد، مشددين على ضرورة تجاوز المقاربة التقليدية في صياغة القرار العمومي والترابي وابتكار خطط جديدة للتمنية المحلية.
محمد بن فقيه، عضو فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، قال إن “خطابات الملك تشكل خارطة الطريق لليوم والمستقبل ودعوة للقطع مع منطق السرعتين الذي كان يحكم مسار التنمية في هذا الوطن”، مشيراً إلى أن “الأغلبية ليس أي حرج في الحديث عن التراكمات السلبية قبل الحديث عن الإنجازات الإيجابية”.
“في أفق تنمية منصفة”
وأوضح البرلماني ذاته، في ممثلا فريقه في تعقيبه على عرض رئيس الحكومة، في الجلسة الشهرية بمجلس المستشارين، اليوم الثلاثاء، أن “التنمية الترابية تقوم على تثمين الإمكانات المجالية والتوازن في توزيع الثمار والتضامن والتآزر الوطني بين المجالات والفئات الوطنية”، مشيراً إلى أن “توزيع الاستثمار العمومي يحكمه المعطى الديموغرافي بحكم أن تكلفة توفير الخدمة العمومية لمواطن في مدينة كبيرة أقل من توفيره نفس الخدمة لمواطن في منطقة نائية”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “فريقنا يتفهم هذه العوامل ولكن نتفهم كذلك مقتضيات دستور 2011 الذي فرض علينا العمل بمنطق حقوقي حتى تصل كل الحقوق الدنيا والقصوى إلى المواطنين أينما وجدوا”، مبرزاً أن “المغرب أمام حالة وطنية قائمة على تجديد حلم المواطن المغربي المؤمن على قدرة وضع بلادنا على قائمة البلدان الصاعدة”.
وتابع المستشار التجمعي “أننا نضع نصب أعيننا الأمل الذي يعلقه المواطن المغربي على المشروع المجتمعي الذي يقوده الملك وتدبره الحكومة بكل اقتدار”، مشيراً إلى أن “هذا المشروع يؤسس للدولة للدولة المنصفة والحامية ودولة العدالة والكرامة”.
وشدد المصدر ذاته على أن “التنمية الترابية والعدالة المجالية ليست مواضع طارئة”، مستحضرا في هذا الصدد “اشتغال وزارة الداخلية على إعداد جيل جديد من برامج التنمية المندمجة وفق المقاربة التشاركية في كل الأقاليم المغربية”.
“كفى من هدر الزمن الإصلاحي”
من جهته قال عبد الكريم الهمس،عضو فريق الأصالة والمعاصرة، إن “موضوع التنمية الترابية والعدالة المجالية غير قابل لهدر المزيد من الزمن الإصلاحي في المزايدات السياسية”، مسجلا أن “العدالة المجالية تشكل رافعة لتقلي الفوارق الترابية وتحقيق المساواة في فرص الشغل والاستفادة من الخدمات العمومية”.
وأوضح البرلماني عينه أنه “رغم الجهود التي بذلت منذ الاستقلال في برامج التنمية المحلية وبرامج تقليص الفوارق المجالية وفك العزلة عن العالم القروي إلا أن الواقع لا يزال عنيداً”، مخاطبا رئيس الحكومة بـ”ضرورة التركيز على مقترحات عملية تحدث ثورة وقطيعة مع ممارسات الماضي للحد من واقع مغرب السرعتين”.
وأورد المتحدث ذاته أن “فريقنا ليس ضد السرعة الأولى التي غيرت وجه عدد من المدن وبنيتها التحتية من طرق سيارة وقطارات فائقة السرعة وموانئ وملاعب ومطارات دولية، مستدركا أن الأساسي اليوم هو الرفع من السرعة الثانية التي تهتم بالمجالات الهشة.
ويستعجل المصدر ذاته البحث عن مخططات مناسبة وتغيير العقليات وطرق العمل وترسيخ ثقافة النتائج وبناء التدخل على معطيات ميدانية دقيقة ثم الاستثمار الأمثل للتكنولوجيا الرقمية، وهي المحاور التي حددها الملك في خطاب افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة.
“ضرورة القطع مع المقاربات التقليدية”
عبد السلام اللبار، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، اعتبر أن “إحداث صندوق التنمية المندمجة هو آلية للاستهداف الترابي وإطلاق اللقاءات التشاورية على مستوى الأقاليم من أجل إعداد جيل جديد من برامج التنمية”، مبرزاً أن “ما تحقق من نجاحات في أوراش البنيات التحتية والتقدم الاقتصادي المحقق لم يمتد بالشكل الكافي على جميع مناطق البلاد حيث تعاني المناطق القروية خاصة من عجز اجتماعي وتنموي من هشاشة وبطالة وضعف البنيات التحتية”.
وأكد اللبار أنه “يجب الانتباه لهذه التفاوتات”، مشيراً أن “هذا الأمر لم يعد مقبولا في مغرب الإنصاف والمصالحة والنموذج التنموي الجديد والعهد الجديد”، مشيراً إلى أن المواطن يجب أن يستفيد بنفس القدر والخدمات أينما كان”.
واعتبر المستشار البرلماني ذاته أن “الحكومة منخرطة في توحيد سرعة التنمية في بلادنا وتمكين كل جهات المملكة من مقومات التنمية الكافية على قاعدة الإنصاف المجالي”، مشددا على أن “الوقت قد حان لتغيير طريقة صناعة القرار العمومي ومراجعة المقاربة التقليدية للتنمية الاجتماعية”.



