قال نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، إنه “ليس من قبيل المبالغة أو تضخيم المنجز” التأكيد أن المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، حقق إنجازات وحدوية ودستورية وديمقراطية وسياسية وتنموية غير مسبوقة، جعلت البلاد تعيش على وقع طفرات وتحولات مفصلية حولتها إلى قوة إقليمية صاعدة أثار تطورها التنموي ونجاحاتها المتوالية حنق الخصوم في الداخل والخارج.
وبرغم هذا “الشعور العارم بالارتياح والاعتزاز بالمكتسبات الوحدوية”، شدد بركة في عرضه السياسي والتنظيمي أمام المجلس الوطني، على أن ذلك “لا يجب أن يحجب عنا أن بلادنا ما تزال تعيش مفارقات مقلقة بين المجالات، وفوارق غير مقبولة بين الجهات، وأوضاعاً صعبة لدى فئات واسعة، خاصة في المناطق القروية والجبلية والنائية”.
وأضاف بركة أن هذه المفارقات تضعف ثقة المواطنين في مستقبلهم، وتغذي شعورهم بالتهميش وعدم الاطمئنان إلى حضور الفعل العمومي في مناطقهم، كما ترسخ في أذهانهم أنهم يعيشون في “مغرب بسرعات متفاوتة”، في تناقض مع ما دعا إليه الملك في خطاب العرش الأخير حين شدد على أنه “لا مكان اليوم ولا غداً لمغرب يسير بسرعتين”، ودعا إلى تدارك الفوارق وتحقيق عدالة شاملة تشمل كل المواطنين.
وأوضح الأمين العام لحزب الاستقلال أن المسار التنموي الذي يدعو إليه يؤسس لمرحلة يكون فيها المواطن دعامة أساسية في دعم الوطن، عبر نموذج تنموي يقوم على الوحدة والعدالة الاجتماعية والترابية، وعلى الانتقال من وطن “متعدد السرعات” إلى وطن يسير بـ“سرعة واحدة: سرعة التقدم المشترك”.
وأشار بركة إلى أنه “من غير المقبول” استمرار اتساع الفوارق الاجتماعية والمجالية، واستمرار الفقر في العالم القروي بمستويات تفوق الوسط الحضري بأربع مرات (13% مقابل 3%)، أو بقاء 3 جهات فقط تنتج 60% من الناتج الداخلي الخام مقابل 40% تتقاسمه 9 جهات أخرى، معتبرا أنه غير مقبول أيضا الأرقام المرتفعة للبطالة، خاصة بين الشباب (35.8% للفئة 15-24 سنة، و21.9% للفئة 25-34 سنة)، وارتفاع بطالة النساء بنسبة 19%، والحاصلين على الشهادات بـ19%.
وسجل بركة أن 1.5 مليون مغربي يوجدون خارج منظومات العمل والتكوين والدراسة، 58% منهم بالعالم القروي، و72% من النساء، إضافة إلى تفاوتات صارخة في التعليم، منها ارتفاع نسبة الأمية في القرى إلى 38% مقابل 17.3% في المدن، وبلوغ الأمية لدى النساء 34.4%، فضلاً عن الفوارق الكبيرة في مدة التمدرس (3.2 سنوات في القرى مقابل 7.9 في المدن)، وارتفاع نسبة غير المتمدرسين في القرى إلى 62.7% مقابل 29.9% في المدن.
كما انتقد بركة استمرار العمل بخريطة صحية “غير متوازنة” تعود لسنة 2004، مسجلاً أن عدد الأطباء لكل 10 آلاف نسمة يصل إلى 13.45 بجهة الرباط سلا القنيطرة، مقابل 2.92 فقط بجهة درعة تافيلالت، إذ تضم الأولى 6902 طبيب مقابل 484 طبيباً في الجهة الثانية.
وقال الأمين العام لحزب الاستقلال إن تجاوز هذه التحديات يمر عبر “تسريع مسيرة المغرب الصاعد” وإطلاق جيل جديد من برامج التنمية الترابية، وفق ما دعا إليه الملك في خطاب افتتاح الدورة التشريعية في أكتوبر 2025، حول أولويات التنمية: دعم المبادرات المحلية والاقتصادية وفرص الشغل للشباب، النهوض بقطاعات التعليم والصحة، التدبير المستدام للموارد المائية، والتأهيل الترابي مع التركيز على المناطق الأكثر هشاشة.
وأوضح وزير التجهيز والماء نزار بركة أن الحكومة بادرت إلى تنزيل هذا التوجه الملكي عبر إدراج برامج التنمية الترابية المندمجة ضمن التوجهات العامة لقانون مالية 2026، معتمدة على معطيات ترابية محدثة، وإشراك الساكنة، وضمان الالتقائية بين البرامج، قصد تحقيق تنمية متوازنة ومستدامة.
وفي هذا الإطار، أكد المسؤول الحكومي أن الحكومة أحدثت صندوق التنمية الترابية المندمجة بميزانية تبلغ 20 مليار درهم، وشرعت في إعداد برنامج أولي لتأهيل المراكز القروية الصاعدة سنة 2026، بعد تحديد 542 مركزاً يضم 60% من الساكنة القروية، مع إعداد برنامج أولي يهم 77 مركزاً.
وأضاف أن الحكومة سرعت إصلاح قطاعي الصحة والتعليم ودعم التشغيل، إذ رصدت 140 مليار درهم لهذه القطاعات بزيادة 21.3 مليار مقارنة بسنة 2025، مع تخصيص 27,344 منصباً مالياً (4500 منصب إضافي). كما خصصت 42.4 مليار درهم لقطاع الصحة، تشمل فتح المراكز الاستشفائية الجامعية بأكادير والعيون واستكمال مركز ابن سينا وبناء مستشفيات جامعية جديدة ببني ملال وكلميم والرشيدية و91 مركزاً استشفائياً و1600 مستوصف.
وفي قطاع التعليم، قال بركة إن 97.1 مليار درهم خصصت لهذه السنة لتحسين جودة التعليم وتوسيع العرض المدرسي، فيما رصدت 4.4 مليار درهم لدعم التشغيل، خاصة المقاولات الصغيرة جداً وتحسين الوساطة في سوق الشغل، لافتا إلى أن الحكومة خصصت 41.5 مليار درهم لاستكمال تعميم الحماية الاجتماعية، مع رفع تعويضات الأطفال الثلاثة الأوائل في مختلف الحالات الاجتماعية، و9.4 مليار درهم لضمان الولوج إلى السكن، و14 مليار درهم لدعم المواد الأساسية كغاز البوتان والسكر والدقيق.
وشدد على أن الحكومة منكبة على مراجعة طريقة احتساب المؤشر الديمغرافي لضمان استهداف أفضل وديمومة أكبر للدعم، بما يتيح تعزيز الدولة الاجتماعية وتمكين الأسر من دعم مستقر وفعّال.



