كشفت رئاسة النيابة العامة أن عدد الشكايات التي توصلت بها من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج بلغ خلال سنة 2024 ما مجموعه 2060 شكاية، موزعة بين 1329 شكاية ورقية و731 شكاية إلكترونية، وذلك في سياق تنفيذ السياسة الجنائية وتفعيلا للتعليمات الملكية السامية التي تؤكد على العناية الخاصة بقضايا المغاربة المقيمين خارج الوطن وتحسين ولوجهم إلى العدالة.
وأوضح تقرير رئاسة النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة برسم سنة 2024 أن هذا الرقم يعكس حجم التفاعل المتزايد لأفراد الجالية مع المؤسسة القضائية، سواء عبر الحضور المباشر أو من خلال القنوات الرقمية، مستفيدين من الإجراءات التنظيمية التي تم اعتمادها لتسريع معالجة شكاياتهم، خاصة بالنظر إلى قصر مدة إقامتهم بالمغرب خلال فترات العطل.
وفي هذا الإطار، أفاد التقرير بأن مقر رئاسة النيابة العامة استقبل خلال السنة نفسها 311 مرتفقا من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، توزعت أسباب توافدهم بين إيداع شكايات جديدة، أو تتبع مآل شكايات سبق تقديمها، أو طلب توضيحات بشأنها، حيث جرى استقبالهم بالفضاء المخصص لهذه الفئة، والاستماع إليهم، ومعالجة تظلماتهم، وتوجيههم وإرشادهم، مع إشعارهم بمآل ملفاتهم في الحين.
وأشار التقرير إلى أن هذه الحصيلة تأتي ثمرة لتنزيل مقتضيات منشور مشترك صدر بتاريخ 12 يونيو 2024 تحت عدد 2024/01 بين الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزير العدل ورئيس النيابة العامة، والذي شدد على ضرورة تحسين ظروف استقبال أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ومراعاة محدودية الزمن الذي يقضونه فوق التراب الوطني، بما يفرض التعامل السريع والفعال مع طلباتهم وشكاياتهم.
ولتعزيز هذا التوجه، أحدثت رئاسة النيابة العامة خلية مركزية تضم قضاة وموظفين مختصين، تتولى استقبال أفراد الجالية ومعالجة شكاياتهم وتظلماتهم، مع التنسيق مع مختلف النيابات العامة على الصعيد الوطني، بهدف تقديم خدمات قضائية ذات جودة عالية. كما جرى، على مستوى محاكم المملكة، إحداث خلايا جهوية بمحاكم الاستئناف وأخرى محلية بالمحاكم الابتدائية، تضم قضاة وموظفين مؤهلين لتسهيل ولوج الجالية إلى المرافق القضائية والتكفل بطلباتهم في آجال معقولة.
وسجل التقرير أن الشكايات المقدمة من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج شملت ملفات قادمة من عدة دول، تصدرتها فرنسا بـ160 مشتكا، تلتها بلجيكا بـ34، ثم إيطاليا بـ31، وإسبانيا بـ21، وهولندا بـ20، وألمانيا بـ12، فيما توزعت باقي الشكايات بين كندا والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وسويسرا والجزائر والبرتغال ومصر والسودان والإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى فلسطين والسويد والدنمارك، ما يعكس الامتداد الجغرافي الواسع لانشغالات الجالية مع القضاء المغربي.
وفي سياق متصل بخدمة الجالية المغربية بالخارج، أبرز التقرير أن الهيئة المشتركة خصصت خلال عدة اجتماعات سنة 2024 حيزا مهما لملف تبليغ الطيات القضائية بالخارج، باعتباره من الملفات ذات الأولوية، حيث ناقشت الإشكاليات القانونية والإدارية المرتبطة بهذه المسطرة، واقترحت توحيد نموذج الطي القضائي ورقمنته، وإعداد دلائل عملية ودوريات مشتركة، وتنظيم تكوينات لفائدة المكلفين بها داخل المحاكم، مع الدعوة إلى إحداث مكاتب خاصة بتبليغ الطيات الموجهة للخارج ضمن الهيكلة الجديدة للمحاكم، بتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.
كما توقف التقرير عند ورش الرقمنة والتحول الرقمي داخل منظومة العدالة، مسجلا أن الهيئة المشتركة أولت اهتماما خاصا بهذا الورش خلال سنة 2024، باعتباره مدخلا أساسيا لتجويد الخدمات القضائية وتسريعها، حيث جرى استعراض نتائج تجربة منصة تحرير الأحكام وتوقيعها وترقيمها بمحكمتي الاستئناف التجارية والابتدائية التجارية بالدار البيضاء، والتأكيد على جاهزيتها في الشق المدني، والشروع في استغلالها لتوقيع الأحكام المتعلقة بمخالفات السير المرصودة بالرادار الثابت، في أفق تعميم هذه التجربة خلال سنة 2025.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن هذه الإجراءات والورشات تندرج ضمن رؤية شمولية تروم تعزيز ثقة أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج في مرفق العدالة، وتحسين جودة الخدمات القضائية المقدمة لهم، وضمان سرعة ونجاعة البت في شكاياتهم، انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية ومقتضيات الحكامة الجيدة للمرفق القضائي.



