لم يكن لقاء رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ورئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بنعليلو، الذي جرى أول أمس الثلاثاء بالرباط، محطة عادية، بالنظر إلى السياق الحالي المتسم بتشديد الملك محمد السادس على ضرورة القطع مع مظاهر الفساد خلال الانتخابات التشريعية المقبلة، من جهة، ومن جهة أخرى، رفع شعار “إسقاط الفساد” ضمن المطالب الاجتماعية التي رفعها المحتجون في الشوارع المغربية مؤخرا.
واللافت، أن هذا اللقاء، أتى بعد 48 ساعة على المجلس الوزاري الذي ترأسه العاهل المغربي يوم الأحد الماضي، والذي ناقش مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، إذ ذكر بلاغ الديوان الملكي أن الهدف هو “تخليق الاستحقاقات التشريعية المقبلة وضمان سلامتها، وإفراز نخب تحظى بالشرعية والثقة”.
والسبيل ذلك، وفق الوثيقة نفسها، هو “تحصين الولوج إلى المؤسسة النيابية في وجه كل من صدرت في حقه أحكام يترتب عليها فقدان الأهلية الانتخابية، واعتماد الحزم اللازم لاستبعاد كل من تم ضبطه في حالة التلبس بارتكاب أي جريمة تمس بسلامة العمليات الانتخابية، علاوة على تشديد العقوبات المقررة لردع كل المحاولات التي قد تستهدف سلامة العمليات الانتخابية في جميع أطوارها”.
هذا التوجه، يرخي بظلاله على عمل الحكومة ورئيسها ووزير الداخلية، المكلف بالإشراف على العملية، من جهة، ومن جهة أخرى على الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، باعتبارها مؤسسة دستورية تُصدر بشكل منتظم تقارير تُشخص وضع المملكة ضمن خارطة محاربة جميع مظاهر الفساد، بما في ذلك المتعلق بالاستحقاقات الانتخابية.
ووفق ما أوردته رئاسة الحكومة، فقد تم التداول بين أخنوش وبنعليلو حول التدابير والإجراءات الحكومية الكفيلة بإعطاء نفس جديد لورش مكافحة الفساد في المغرب، والمساهمة في التفعيل الكامل للأدوار الدستورية للهيئة، من أجل تعزيز مناعة بلادنا في مجال الوقاية من الفساد ومحاربته، وكذلك سبل إضفاء دينامية جديدة على مؤسسات الحكامة وتعزيز تفاعلها البنّاء مع مختلف الفاعلين، في إطار منطق التكامل المؤسساتي، الذي أراده الملك محمد السادس، بما يمكن من تحقيق نتائج ملموسة في مسار بناء مغرب النزاهة والتنمية.
كل هذا اللقاء، وفق البلاغ، مناسبة لمناقشة “أهم التحديات التي تطرحها ظاهرة الفساد وسبل الارتقاء بفعالية السياسات العمومية ذات الصلة بالنزاهة والوقاية من الفساد”، إذ أكد رئيس الحكومة على ضرورة “اتخاذ مختلف التدابير من أجل عقد اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، والتي ستكون فرصة لاستعراض حصيلة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، وتقديم التقييم الذي أنجزته الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها حول تنفيذ هذه الاستراتيجية، وتحديد سبل تطوير الرؤية الاستراتيجية المستقبلية في هذا المجال”.
اللقاء مكَّن أيضا من مناقشة آليات انخراط مختلف القطاعات الحكومية في عدد من المشاريع المهيكلة، التي تعتزم الهيئة إطلاقها في مجال النزاهة، من قبيل إحداث الأكاديمية المغربية للنزاهة، والمختبر الوطني للنزاهة، وحاضنات لتطوير الحلول الرقمية المبتكرة في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته، بما يتيح تعزيز قدرات الفاعلين العموميين والخواص والمجتمعيين في هذا المجال.
وأوضحت رئاسة الحكومة أن اللقاء شكل أيضا، مناسبة للتأكيد على الأهمية الحيوية لإشراك المجتمع المدني، من خلال دعم المبادرات المواطنة، وتعزيز الشراكة مع الجمعيات والمنظمات ذات الصلة، لما لذلك من أثر مباشر في ترسيخ ثقافة النزاهة في المجتمع، علاوة على أهمية الانخراط المشترك وضمان الانسجام والتكامل بين مختلف المتدخلين، لتوحيد الجهود في مواجهة تحديات الفساد، وتتبع أثر الإصلاحات والأوراش الكبرى التي تعرفها المملكة.



