الإفراج عن صنصال مهد الطريق لبناء الثقة مع الجزائر التي سأزورها في دجنبر المقبل بدعوة من حكومتها – الصحيفة

admin17 نوفمبر 2025آخر تحديث :
الإفراج عن صنصال مهد الطريق لبناء الثقة مع الجزائر التي سأزورها في دجنبر المقبل بدعوة من حكومتها – الصحيفة


قدّم وزير الداخلية الفرنسي، لوران نونيز، رواية مغايرة لما راج في باريس بشأن خلفيات الإفراج عن الكاتب الجزائري – الفرنسي بوعلام صنصال، مؤكّدًا أن الخطوة لم تكن نتاج تغييرات حكومية أو سقوط شخصيات من المشهد، بل ثمرة “تحول عميق” في مقاربة فرنسا تجاه الجزائر.

وقال وزير الداخلية الفرنسي في مقابلة مع صحيفة La Tribune De Dimanche، إن الحكومة الفرنسية اختارت الخروج من حالة القطيعة بعد أن تبيّن لها أن سياسة التشدد لم تُحرّك أيًا من الملفات الأساسية، وعلى رأسها التعاون الأمني والهجرةK بحسب تعبريه.

وأضاف نونيز أن باريس اعتمدت نهجا جديدا يقوم على استعادة الحوار مع الجزائر، حتى في ظل معطى سياسي داخلي حساس يتمثل في رغبة 65 في المائة من الفرنسيين في إنهاء اتفاق الهجرة لعام 1968، غير أن الوزير رأى أن القطيعة لم تكن خيارًا واقعيًا، خاصة مع التوقف شبه الكامل للتنسيق الأمني الميداني بين البلدين خلال الأشهر الماضية.

وأشار نونيز إلى أن قرار الجزائر العفو عن صنصال حمل بُعدًا إنسانيًا، لكنه في الوقت ذاته مهّد لنقطة انطلاق جديدة تسمح بإعادة بناء الثقة، مشددا على أن الانخراط المباشر للرئيس إيمانويل ماكرون كان حاسمًا في تحقيق التقدم المطلوب، مع الاعتراف بالدور الألماني الذي وصفه بأنه وسيط مساعد لا قوة مقرّرة في مسار التفاوض.

وبنبرة غير معتادة في الخطاب السياسي الفرنسي، تحدث الوزير عن علاقته الشخصية بالجزائر، مؤكدًا أنه يلقى فيها استقبالا إيجابيًا بحكم جذوره المرتبطة بـ”الأقدام السوداء” (تسمية تطلق على المستوطنين الفرنسيين الذين ولدوا أو عاشوا في الجزائري مابين 1830 و1962) وتجربته الطويلة في التعامل مع ملفات أمنية مشتركة، حيث اعتبر أن هذه الخلفية ساعدته على فتح قناة تواصل مباشرة ساهمت في تخفيف التوتر وتغيير المناخ النفسي بين الجانبين.

وكشف وزير الداخلية أن زيارته إلى الجزائر ستتم في دجنبر المقبل بدعوة رسمية من نظيره الجزائري، معتبرًا أنها زيارة “حاسمة” لإحياء الملفات التي جمدتها مرحلة التصعيد السياسي، مؤكدا أن باريس تطالب بإعادة 30 جزائريًا “يشكّلون خطورة كبيرة” مبرزًا في الوقت نفسه أن 40 في المائة من المحتجزين في مراكز الاحتجاز الإداري في فرنسا هم من المواطنين الجزائريين، وهو ما يجعل ملف الهجرة أولوية ملحّة تحتاج إلى تعاون مباشر وسريع.

وفي تصريحات سابقة لصحيفة لوباريزيان، عاد نونيز ليذكّر بأن نهج “الذراع الحديدية” الذي اعتمده سلفه لم يحقق أي نتيجة ملموسة، معتبرا أن الخطاب المتشدد الذي يتبناه بعض السياسيين الفرنسيين لا يعكس قراءة واقعية للملف.

ورحّبت فرنسا، في وقت سابق بقرار الجزائر منح العفو الخاص لصنصال، معتبرة الخطوة مؤشرا إيجابيا يحمل أبعادا إنسانية وسياسية في آن واحد، ويسهم في تخفيف التوتر الذي طبع العلاقات بين البلدين في الأشهر الأخيرة. 

ومن تولوز، ثمّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القرار الجزائري، واصفًا إياه بأنه “نجاح للدبلوماسية الهادئة القائمة على الحوار لا على التصعيد”، مشيرًا إلى أنه شكر الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير على الوساطة التي أسهمت في هذا الانفراج.

ووفق بيان صادر عن رئاسة الجمهورية الجزائرية، جاء العفو استجابة لطلب رسمي من الرئيس الألماني بتاريخ 10 نونبر 2025، مراعاةً للحالة الصحية الحرجة لصنصال وسنه المتقدم، مع التأكيد على أن ألمانيا ستتكفل بنقله للعلاج في إطار تعاون إنساني.

ويُعد بوعلام صنصال، البالغ من العمر ثمانين عامًا، أحد أبرز الكتّاب الجزائريين ذوي المواقف النقدية للسلطة، وقد أدين بخمس سنوات سجنًا بتهم “المساس بوحدة الوطن” و“تهديد أمن الدولة” على خلفية تصريحاته لقناة فرنسية حول قضايا تاريخية شائكة، ما أثار جدلًا واسعًا داخل الجزائر.

ويأتي هذا التطور في ظرف سياسي دقيق يشهد بوادر انفتاح متبادل بين باريس والجزائر بعد أشهر من الجمود، حيث أكد المدير العام للاستخبارات الخارجية الفرنسية، نيكولا ليرنر، في تصريح لإذاعة فرانس إنتر، أن بلاده رصدت “إشارات إيجابية” تدل على رغبة الجزائر في استئناف الحوار بعد عام من التوتر.

غير أن استمرار احتجاز الصحافي الفرنسي كريستوف غيليز يظل عاملا مؤثرًا في مسار التقارب، خصوصًا أن توقيفه في ماي 2024 خلال مهمة صحفية بتيزي وزو لا يزال يثير حساسيات متصاعدة.

 وإلى جانب ذلك، تضيف ملفات أخرى تعقيدا للمشهد، أبرزها قرار الجمعية الوطنية إلغاء اتفاقية 1968 المنظمة لإقامة وتنقل الجزائريين بفرنسا، وهي خطوة تعتبرها الجزائر مساسًا بروح التعاون التاريخي، بينما تراها قوى يمينية فرنسية “ضرورة لتشديد الرقابة على الهجرة”.

كما تواصل بعض القوى السياسية الفرنسية الدفع باتجاه مواقف أكثر تشددًا في ملفات الذاكرة والهجرة، ما يزيد من صعوبة إعادة بناء الثقة، لذلك، ورغم الطابع الإنساني للعفو عن صنصال، تبقى عودة العلاقات إلى طبيعتها رهينة بقدرة الطرفين على معالجة الملفات الحقوقية والسياسية العالقة .



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة