الإنفاق العسكري في الجزائر يرتفع إلى مستويات غير مسبوقة.. ميزانية الدفاع تبتلع ثلث الإنفاق العمومي وتعمّق الفجوة الاقتصادية

admin9 أكتوبر 2025آخر تحديث :
الإنفاق العسكري في الجزائر يرتفع إلى مستويات غير مسبوقة.. ميزانية الدفاع تبتلع ثلث الإنفاق العمومي وتعمّق الفجوة الاقتصادية


كشف مشروع قانون المالية لسنة 2026 بالجزائر، عن تخصيص ميزانية دفاع قياسية، تضع البلد المغاربي في صدارة الدول الإفريقية من حيث الإنفاق العسكري، متقدما على بلدان ذات قواعد اقتصادية أوسع كجنوب إفريقيا ومصر.

الوثيقة المالية الرسمية كشفت أن ميزانية الدفاع الجزائرية تستأثر بما يقارب خمس الإنفاق العمومي الإجمالي، وتجاوزت 27 مليار دولار، أي نحو 20 في المائة من الميزانية العامة المقدرة بـ135 مليار دولار، وهو مايعكس استمرار الدولة الجزائرية في منح المؤسسة العسكرية موقعا محوريا داخل معادلة السلطة والإنفاق، في وقتٍ تشهد فيه القطاعات الحيوية الأخرى تراجعا حادا في التمويل والخدمات.

وتتوزع هذه الاعتمادات على مجالات تشمل الجاهزية العملياتية واقتناء العتاد العسكري، والدعم اللوجستي والتقني، والإدارة المركزية والبنى التحتية العسكرية، حيث تفوق هذه الاعتمادات الموجهة للدفاع مجموع ما خُصص لقطاعات التعليم والصحة والسكن مجتمعة، في مفارقة صارخة بين الإنفاق على أدوات القوة وبين واقع الخدمات الأساسية الذي يعاني تراجعا مستمرا.

في المقابل، حاولت الحكومة الجزائرية تلطيف الصورة عبر الإعلان عن ميزانية اجتماعية تبلغ 17,5 مليار دولار، موجهة لبرامج الدعم ومنح البطالة ومعاشات التقاعد، غير أن هذه الأرقام، لا تُترجم إلى أثر ملموس في حياة المواطنين، إذ لا تزال منحة البطالة، التي يستفيد منها أكثر من مليوني، شخص لا تتجاوز 13 ألف دينار شهريا، أي ما يعادل 90 دولارا تقريبا، في وقت تتآكل فيه القدرة الشرائية وترتفع أسعار المواد الأساسية بشكل مطّرد. 

وتبرر السلطات الجزائرية هذا الإنفاق العسكري المتنامي بضرورة حماية أمن البلاد القومي، في ظل بيئة إقليمية مضطربة، خاصة على الحدود الجنوبية مع مالي والنيجر وليبيا، غير أن المراقبين يرون أن هذا التبرير يُخفي أبعادا سياسية عميقة، فالجيش، الذي ظل الفاعل المركزي في صناعة القرار منذ استقلال الجارة الشرقية، يسعى عبر تضخيم ميزانيته إلى تأكيد هيمنته داخل البنية السياسية والاقتصادية للدولة، كما أن هذا التسليح المتسارع موجّهٌ نحو نزعة تعزيز التفوق العسكري على المغرب، في ظل سباق إقليمي ونزاع الصحراء المفتعل .

وتكشف الأرقام الرسمية عن عجز مالي متنام يناهز 12,4 في المائة من الناتج الداخلي الخام الجزائري، نتيجة فجوة ضخمة بين الإيرادات المقدرة بـ61 مليار دولار والنفقات التي تتجاوز 94 مليارا، حيث هذا الاتجاه التوسعي في الصرف يضع الجزائر أمام خطر استنزاف احتياطاتها من النقد الأجنبي، أو اللجوء إلى الاقتراض الخارجي، خاصة في ظل تقلب أسعار النفط التي لا تزال تمثل الشريان المالي شبه الوحيد لتمويل الميزانية العامة. 

وتجمع جميع المؤشرات أن الجزائر تسير نحو مفارقة خطيرة، بين جيش قوي ومجتمع ضعيف، إذ بينما تتعاظم القدرات العسكرية وتتسارع صفقات التسلح، يزداد الانكماش في مجالات الإنتاج والتشغيل والبحث العلمي، وبذلك، تتحول القوة العسكرية إلى واجهة رمزية أكثر منها استراتيجية استثمار في المستقبل، في حين تُهمّش القطاعات التي تُعدّ جوهر الأمن القومي الحقيقي في يلد غني بالنفط والغاز .



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة