الاتحاد الاشتراكي بين وهم التجديد واستدامة الجمود – الصحيفة

admin20 أكتوبر 2025آخر تحديث :
الاتحاد الاشتراكي بين وهم التجديد واستدامة الجمود – الصحيفة


كان يُنتظر من المؤتمر الوطني الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن يشكل لحظة فارقة في مسار الحزب، تؤسس لانبعاث جديد يعيد إليه بريقه التاريخي. غير أن ما حدث لم يكن سوى إعادة إنتاج لواقع مأزوم، كرّس حالة الجمود التنظيمي وأجهض آمال التغيير.

فبتعديل النظام الداخلي، فُتح الباب أمام الكاتب الأول إدريس لشكر للترشح لولاية رابعة، في خطوة تعكس أزمة عميقة في تداول القيادة داخل الحزب. هكذا، قدّم الاتحاد الاشتراكي نفسه من جديد كحالة نموذجية لـ”متلازمة إعادة التدوير”، حيث يُستبدل التجديد بالاستمرارية، ويُستحضر الماضي كملاذ آمن بدل مواجهة تحديات الحاضر.

شعار “التغيير الآن”، الذي لطالما رفعه الحزب، بدا في هذا السياق كأنه مفارقة مؤلمة، أو حتى نعي ذاتي لمشروع كان يُفترض أن يحمل لواء التقدمية. فبدلاً من ضخ دماء جديدة في شرايين الحزب، انتصر منطق البقاء في المواقع، في مشهد يعكس أزمة النخب السياسية التي باتت ترى في المناصب غاية لا وسيلة.

أزمة ثقة تتجاوز الحزب

ما جرى داخل الاتحاد الاشتراكي لا يمكن اختزاله في مجرد مؤتمر حزبي؛ بل هو مرآة لخلل أوسع في المشهد السياسي الوطني. فشعارات “تشبيب النخب” و”تجديد الخطاب” لم تعد تقنع أحداً، خصوصاً في ظل استمرار نفس الوجوه وتكرار نفس الممارسات.

هذا الواقع يفاقم منسوب الإحباط لدى فئة الشباب، التي باتت ترى في العمل السياسي لعبة مغلقة لا مكان فيها للتغيير أو المبادرة. ومع كل دورة انتخابية أو مؤتمر حزبي يُعاد فيه تدوير نفس القيادات، تتآكل الثقة في جدوى الانخراط، وتتعمق الهوة بين الأجيال الصاعدة والمؤسسات السياسية.

إن هذا العزوف لا يُعد مؤشراً عابراً، بل هو ناقوس خطر ديمقراطي. فحين تفقد الأجيال الجديدة إيمانها بقدرة النظام السياسي على التجدد، تبدأ شرعية هذا النظام بالتآكل من الداخل.

خسارة مزدوجة

كان المؤتمر الثاني عشر فرصة نادرة لإعادة بناء الجسور مع القواعد الحزبية، وتجديد العقد السياسي مع الشباب. لكنه، للأسف، تحوّل إلى محطة أخرى لتكريس الانغلاق، وتأكيد عجز الأحزاب عن إعادة ابتكار ذاتها.

في المحصلة، لا يتعلق الأمر بمن فاز أو خسر في هذا المؤتمر، بل بمن دفع الثمن الأكبر. والجواب واضح: الحزب خسر ما تبقى من رصيده لدى الشباب، فيما خسر الوطن رهاناً جديداً على مستقبل سياسي أكثر انفتاحاً وقدرة على التغيير،

الآراء الواردة في مقالات الرأي تعبر عن مواقف كاتبيها وليس على الخط التحريري لمؤسسة الصحيفة



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة