الداخلية تشرع في جولة مشاورات لتداول مذكرات الأحزاب غير الممثلة في البرلمان استعدادا لإصلاح انتخابي قبل 2026

admin23 سبتمبر 2025آخر تحديث :
الداخلية تشرع في جولة مشاورات لتداول مذكرات الأحزاب غير الممثلة في البرلمان استعدادا لإصلاح انتخابي قبل 2026


علمت “الصحيفة” من مصادر حزبية أن وزارة الداخلية شرعت رسميا أمس الاثنين، في جولة جديدة من المشاورات مع الأحزاب السياسية وذلك في جلسة أولى خصت بها الأحزاب غير المتوفرة على فرق برلمانية وغير الممثلة في البرلمان وقد وُصفت من قبل الحاضرين بأنها “إيجابية وهادئة”. 

المعطيات التي توصلت إليها “الصحيفة” تفيد أن النقاش في هذه الجولة الأولى تركز على قضايا تتعلق بالنظام الانتخابي، وشروط الترشيح، وملف تمويل الأحزاب، إضافة إلى تعزيز مشاركة الشباب والنساء، وقدم ممثلي الاحزاب الحاضرة بمن فيهم فيدرالية اليسار الديمقراطي ملاحظات تضمنتها مذكرتهم المرفوعة للداخلية اعتُبرت صريحة، إذ شددت على أن أي إصلاح جدي يقتضي مراجعة شاملة للمنظومة الانتخابية وتجاوز الأعطاب التي تجعل تمثيل بعض القوى السياسية ضعيفا أو مشوها.

غير أن النقاش لم يقتصر على الفيدرالية، فقد عبّرت تنظيمات أخرى عن مخاوفها من أن تظل هذه الجولة نسخة مكررة من مشاورات سابقة لم تُفضِ إلى نتائج ملموسة، بل اكتفت بتقديم وعود عامة دون أثر عملي وبعض الأحزاب الصغيرة ركزت على الاهتمام. 

ولم تُختَزل جلسة الاثنين وفق المصادر ذاتها، في “تبادل عابر لعبارات المجاملة”، إذ خُتمت بـ”توافق مبدئي” حول مضامين المذكرات المكتوبة التي صاغتها اللجان التقنية داخل الأحزاب، على أن تُدمج لاحقا في وثيقة تجميعية تُحيلها وزارة الداخلية إلى مسارات الصياغة التشريعية والتنظيمية. 

المذكرات، وفق المعلومات التي توصلت بها “الصحيفة”، تتوزع على ثلاثة محاور كبرى، أوّلها إصلاح قواعد التمثيل، عبر مراجعة العتبة وتحيين التقطيع الانتخابي على أساس معطيات سكانية مُحدَّثة، وتيسير تمثيل المشهد المحلي في الدوائر الصغرى بما يقلّص الفجوة بين القوة الانتخابية الفعلية والنتيجة النهائية للمقاعد. 

المحور الثاني يتعلق بنزاهة المسار التنافسي عبر سقوف مالية مُحكَمة للحملات، وتجريمٍ فعّال لاستعمال المال الانتخابي، وتمكين هيئات المراقبة من أدوات إثبات وعقوبات رادعة قابلة للتطبيق بعيدا عن منطق التسوية السياسية.

أما ثالث المحاور فتهم توسيع المشاركة عبر آليات تمييز إيجابي مدروسة للشباب والنساء، وحلول تقنية لتيسير مشاركة مغاربة العالم، كالتصويت في مقار قنصلية مختارة أو اعتماد إجراءات تسجيل مُبسّطة ومنصات رقمية للتحقق والفرز وهذه العناوين سبق أن راجت في نقاشات وطنية خلال الأسابيع الماضية حول التحضير لاستحقاقات 2026، وطلبت الداخلية تجميع مقترحاتها ضمن آجال عملية ليُبتّ فيها قبل نهاية السنة التشريعية الجارية، تنفيذا للتوجيهات العليا بتنزيل ورش انتخابي واضح ومؤطّر زمنيًا.

وتشدّد المصادر على أن طبيعة هذه الجولة الثانية مختلفة عن سابقتها التي همّت الأحزاب الممثلة فهي موجّهة لتصحيح “اختلال تمثيلي مزمن” يخص القوى السياسية التي لا تمتلك فرق برلمانية وتوسيع دائرة الاستشارة المؤسسية بما يتجاوز الثنائية الكلاسيكية للأغلبية والمعارضة تحت القبة، وذلك استيعابا لمطلب تعددية أوسع في قنوات صناعة القرار الانتخابي,

وسبقت هذه المرحلةَ جولةٌ مع القيادات البرلمانية خلصت إلى خطوط عريضة متقاربة في قضايا التقطيع والنزاهة وتمويل الحملات، على أن تُستكمل الصورة الآن بقراءة ميدانية تُقدّمها التنظيمات غير الممثلة، كما عكسته برمجةُ اللقاءات المتتالية التي أعلنت عنها الداخلية في سياق التحضير للاستحقاقات المقبلة.

في خلفية المشهد، يلفت مراقبون حزبيون، تحدّثوا لـ”الصحيفة”، إلى أن هذا المسار يجد سنده السياسي في التعليمات الملكية التي أسندت إلى وزارة الداخلية مهمة الإشراف المنهجي على التحضير للرزمة التشريعية والتنظيمية المؤطِّرة للانتخابات، بما يضمن مصداقية المسار وثقة المتنافسين والرأي العام في محطّة 2026.

ووفق نفس القراءة، فإن تحويل جلسات الاستماع إلى نتائج قابلة للقياس يتطلب ثلاثة شروط تكمن في إنشاء وثيقةُ مبادئ مُعلنة تُبلور ما توافقت عليه الجولات ورزنامة دقيقة لتقديم الصيغ القانونية والإدارية، وآلية متابعة مشتركة (حكومية – حزبية) تُمسك بمؤشرات الإنجاز وتصرّح بتقدّم الأشغال دوريا، وهذا الإسناد السياسي من أعلى هرم الدولة، كما جرى تقديمه في النقاش العمومي خلال الأسابيع الفائتة، هو ما يفسّر استعجال النقاش وطلب المذكرات التفصيلية للأحزاب.

وتشير القراءة التحليلية التي استقتها “الصحيفة”، من قيادات حزبية وخبراء انتخابيين إلى أن القيمة المضافة لهذه الجولة لن تُقاس بعدد “الوعود” المُعلنة بل بقدرة داخلية على تجميعِ التقاطعات وتحييدِ مناطق الخلاف ففي محور التمثيل، قد يُشكّل تحديثُ اللوائح وتحيينُ التقطيع على أساس المعطيات السكانية الجديدة “مكسباً سريعاً” منخفض التكلفة السياسية، بينما يظل جدل العتبة وتمثيل الدوائر الصغرى موضوعَ مساومة تقنية–سياسية أدق. 

وفي محور النزاهة، يبدو التوافق على سقوف الإنفاق وتعزيز التتبّع المالي ممكناً، لكنّ اختبارَ الصرامة سيظهر في أول حالة ضبط حيث سيتعيّن تطبيقُ الجزاءات بلا انتقائية أمّا محور توسيع المشاركة، فيُرجَّح أن يحصل فيه تقدم ملموس عبر آليات تمييز إيجابي مُحكمة وفتْح قنوات تصويت مُيسّرة للجالية، شريطةَ استكمال البنية الرقمية واللوجستية المصاحبة.

وتختم مصادر “الصحيفة” بالقول إن نجاح الجولة الثانية لن يعني اكتمال الورش إذ يفترض أن تعقبها مرحلةُ مواءمة تقنية تُترجَم إلى مشاريع قوانين ومراسيم جاهزة قبل المواعيد الدستورية المتصلة باستحقاقات 2026، والرهان كما تصفه تلك المصادر، هو الانتقال من “جلسات استماع ناجحة” إلى “رزنامة تنفيذ مُحكمة” تُطمئن الفاعلين إلى أن ما اتُّفق عليه لن يتبدّد في الطريق بين قاعة الاجتماعات ونص الجريدة الرسمية. 

وفي انتظار ذلك، يُحسب لجلسة الاثنين أنها أعادت إلى الطاولة أصواتا ظلّت هامشية في دورات سابقة، وقدّمت مداخلاتٍ مكتوبة مؤطَّرة تُسهل على الوزارة الانتقال إلى طور الصياغة، من غير أن تتنازل هذه الأحزاب عن مطلبها الأهم وهو قواعدُ تنافس عادلة تُظهر وزنها الحقيقي، لا وزنَها المفترض في خرائط ما قبل الاقتراع وتتجاوز العوائق الميدانية المرتبطة بالعمل السياسي اليومي، مثل صعوبات الترخيص، نقص الإمكانيات اللوجستية، وضعف الحضور الإعلامي، مطالبة الوزارة بآليات دعم ملموسة بدل الاكتفاء بفتح باب الحوار.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة