بايتاس “ما فراسوش” مطالب جيل Z الموجهة للملك.. الناطق الرسمي باسم الحكومة الذي يخسف الأرض بمهامه التواصلية في عز الأزمة

admin4 أكتوبر 2025آخر تحديث :
بايتاس “ما فراسوش” مطالب جيل Z الموجهة للملك.. الناطق الرسمي باسم الحكومة الذي يخسف الأرض بمهامه التواصلية في عز الأزمة


في ذروة واحدة من أخطر الأزمات الاجتماعية التي عرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة، جلس الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس أمام كاميرات برنامج “صدى الحدث” على قناة ميدي1، في أول خروج إعلامي له منذ اندلاع الأزمة التي بلغت أسبوعها الأول ليكشف بلسانه ما كان كثيرون يرددونه بالجهر والهمس أن الحكومة لا تُحسن الإصغاء ولا تُتقن حتى فنون التواصل في لحظات الشدة.

فبينما هم شباب جيل زيد لرفع دفترهم المطلبي إلى الملك محمد السادس ووضعوا مطلب إقالة الحكومة في صدارة أولوياتهم بدا الناطق الرسمي باسم الحكومة غافلا مُرتبكا، يتجادل بانفعال مع صحافي ينقل ما أصبح حديث الرأي العام ليؤكد بذلك أن الأزمة ليست فقط أزمة ثقة في السياسات العمومية، بل أزمة خطاب حكومي عاجز يفاقم الغضب بدل تهدئته.

وخلال الحلقة التي بثتها قناة “ميدي1” حاول بايتاس أن يبعث برسالة مُطمئنة للشباب وهو يؤكد لهم مرارا “رسالتكم وصلت، لكن نحتاج لأن نسمع مقترحاتكم في مختلف القضايا المتعلقة بالسياسات العمومية ونعتبر أن هذه السياسات العمومية ليست قرآنا منزلاً، هي عمل بشري يخضع للصواب والخطأ”، كلمات أراد منها الإيحاء بالانفتاح والاستعداد للإصغاء، لكنها لم تصمد طويلا أمام السؤال المباشر الذي طرحه الإعلامي نوفل العوالمة.

العوالمة سأله بلا مواربة عن “الدفتر المطلبي” الذي رفعه شباب جيل زيد إلى الملك، والذي يطالب بشكل صريح بعدم بقاء هذه الحكومة، وبجلسات علنية لمحاسبتها في إطار القوانين وهو مطلب أصبح متداولا على نطاق واسع منذ أكثر من 24 ساعة، وتصدر عناوين النقاش العمومي والرقمي بيد أن المفاجأة أن بايتاس لم يدعي فقط عدمَ اطلاعه على هذا المطلب بل استشاط غضبا وهاجم مقدم البرنامج قائلا: “شوف أسيدي أنا أسجل أنك أنت اليوم الناطق الرسمي باسمهم؟ باش عرفتي هادشي هذا؟ أنا ما وصلنيش هادشي هذا؟ شوف الله يخليك أنا ما أعرفه..”.

الرد بدا صادماً، فكيف للناطق الرسمي للحكومة الذي يُفترض أنه الأكثر التصاقا بمتابعة الميدان أن يُظهر جهلا بمطلب جوهري أصبح في صدارة النقاش الوطني؟ وكيف له أن يواجه سؤالا مشروعا باتهام الصحافي بأنه يتحدث باسم المحتجين؟ أما العوالمة فرد قائلا: “أنا لست من جيل زيد لأكون ناطقا رسميا باسمهم، أنا أمارس دوري كصحافي ومقدم البرنامج”.

بعد هذا التراشق، عاد بايتاس الذي تضم وزارته عشرات مسؤولي التواصل ليقول إنه يتابع الوضع لكنه لم يسمع بمثل هذه المطالب مؤكدا أن التتبع من اختصاصه، وأن الحكومة ستتفاعل “يوم يكون الملف المطلبي واضحا ويدخل ضمن اختصاصاتها” غير أن هذا التبرير لم ينجح في محو الانطباع الأول أي ارتباك وغياب معطيات أساسية في لحظة دقيقة، وانفعال يُترجم إلى ضعف في مواجهة الرأي العام بدل أن يتحول إلى فرصة لطمأنة الناس وفتح أفق للحوار.

من جهة ثانية، فإن ما أبان عنه مصطفى بايتاس في هذا الحوار التلفزي لم يكن حادثا معزولا ولا مجرد زلة لسان عابرة بل تجسيدا مكثفا لهشاشة البنية التواصلية داخل الحكومة ففي اللحظة التي كان يُفترض فيها أن يكون صوت الحكومة أكثر وضوحا ووسيطا لتهدئة الغضب الاجتماعي، انكشف العكس تماماً وتصدر الارتباك، الانفعال، وغياب المسؤول الحكومي عن متابعة معطيات باتت في صميم النقاش الوطني المشهد.

الخطورة في ما جرى أن الناطق الرسمي أضاع فرصة ثمينة لتصحيح مسار العلاقة بين الحكومة والشباب المحتج وكان بإمكانه أن يحول الحوار إلى مناسبة لإعلان إجراءات ملموسة، أو على الأقل للاعتراف بشرعية المطالب ووعد بفتح قنوات رسمية لمناقشتها غير أن ردوده المتشنجة رسخت انطباعا بأن الحكومة في واد وما يجري في الشارع وفي المنصات الرقمية في واد آخر وهذا الانفصال يعمق الشرخ القائم ويزيد منسوب عدم الثقة.

ومن المهم الإشارة، إلى أن الأزمات الاجتماعية لا تُدار فقط بالقرارات، بل بخطاب قادر على بناء الجسور وامتصاص التوتر وهنا بالضبط يظهر الخلل الحكومة اختارت منذ البداية أن تتعامل مع احتجاجات جيل زيد كحالة عابرة أو ظرفية، ولم تدرك أن قوة هذه التعبيرات تكمن في تنظيمها الرقمي وسرعة انتشاره وعندما يصل دفتر مطلبي إلى الملك خلال يومين، ولا يعرف عنه الناطق الرسمي شيئا فالمشكلة لم تعد فقط في بطء المعلومة بل في غياب قنوات استباقية للتواصل مع الجيل الجديد.

وهذا المشهد يطرح سؤالا جوهريا حول جدوى وجود ناطق رسمي إذا كان عاجزا عن الإحاطة بأبسط تفاصيل المطالب التي تملأ الساحات والفضاءات الرقمية فوظيفة الناطق الرسمي ليست الرد على الأسئلة بانتقائية كبيرة تظهرها ندواته الصحافية فحسب بل قيادة خطاب حكومي يسبق الأحداث، يشرح ويطمئن ويؤطر النقاش العمومي  وعندما يغيب هذا الدور، تتحول المنابر الإعلامية إلى ساحات صدام لفظي بدل أن تكون فضاءات لتقريب المواقف.

في السياق ذاته، تكشف تصريحات بايتاس تناقضا صارخا مع التوجهات الملكية التي شددت في أكثر من خطاب على ضرورة “الجدية” في العمل السياسي وربط المسؤولية بالمحاسبة فإذا كان الملك يضع سقفا عاليا للجدية والإنصات، فإن الناطق الرسمي أظهر ارتباكا وضعفا في أبسط اختبار عملي، وهو مواجهة سؤال مباشر يعكس صوت الشارع وهذا التناقض يضع الحكومة في مأزق مزدوج أزمة ثقة مع الشارع من جهة، وتناقض مع التوجيهات الملكية من جهة ثانية.

وبالمجمل، فإن ضعف بايتاس لم يعد يُقرأ كمسألة شخصية بل كمؤشر على أزمة حكومية أعمق تكمن في غياب استراتيجية تواصلية متكاملة، وتفضيل خطاب إنكاري أو دفاعي على حساب الشفافية والمصارحة وكل ذلك في وقت يعرف فيه المغرب واحدة من أكثر اللحظات حساسية اجتماعيا وسياسيا ما يجعل حكومة عزيز أخنوش لا تُحسن الإصغاء ولا تجيد مخاطبة الناس وتساهم بوعي أو بدونه في تأجيج الغضب، بدل إطفاء نيرانه.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة