بعد أسابيع من مسيرة احتجاجية.. مصادر مسؤولة تؤكد لـ “الصحيفة” أن منطقة آيت بوكماز تم تغطيتها بـ 70% من شبكة الهاتف والإنترنت في انتظار البدء في تعبيد المسالك الطرقية

admin10 سبتمبر 2025آخر تحديث :
 بعد أسابيع من مسيرة احتجاجية.. مصادر مسؤولة تؤكد لـ “الصحيفة” أن منطقة آيت بوكماز تم تغطيتها بـ 70% من شبكة الهاتف والإنترنت في انتظار البدء في تعبيد المسالك الطرقية


علمت “الصحيفة” من مصدر مسؤول بالسلطات المحلية في آيت بوكماز، المنطقة التي هزتها قبل أسابيع مسيرة احتجاجية لافتة عُرفت بـ”مسيرة الكرامة”، أنّ الساكنة تعيش اليوم على وقع ترقّب حذر لما ستسفر عنه وعود التنمية التي قُطعت لصالحهم، مشيرا إلى أن أولى تلك الوعود بدأت ترى النور بالفعل، من خلال ورش توسيع شبكة الاتصالات والإنترنت الذي بلغ عتبة 70 في المائة من الأشغال.

وأوضح المصدر المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لأسباب مهنية، أن الأشغال المتعلقة بتغطية الهاتف والإنترنت بلغت مرحلة متقدمة جدًا، حيث لم يتبق سوى حوالي ثلاثين في المائة من العمل لتشغيل العمود الجديد، وهو المشروع الذي سيضع حدًا لعزلة عشرات الدواوير التي لم تكن تصلها التغطية إطلاقا.

وأشار إلى أن منطقة أيت بوكماز كبيرة وكانت من الضروري إخضاع الأعمدة القديمة التابعة لاتصالات المغرب لتأهيل جديد، كما تم إدماج شركة “إنوي” في هذا الورش قصد توسيع نطاق الشبكة وضمان استفادة أوسع للسكان، مضيفا أن عمودا آخر مخصصا للاتصالات مازال قيد الأشغال في الوقت الراهن، في انتظار استكمال تثبيته وتشغيله خلال الفترة المقبلة.

وشدد المصدر على أن هذه الخطوة، رغم بساطتها التقنية تعتبر حيوية بالنسبة للمنطقة التي عانت طويلا من انقطاعها عن العالم الخارجي، فالاتصال الهاتفي لم يكن مجرد خدمة ترفيهية، بل وسيلة ضرورية للحياة اليومية، من التواصل العائلي إلى ضمان سرعة التدخل في حالات الطوارئ الطبية، فضلا عن الولوج إلى الخدمات الرقمية التي باتت جزءا أساسيا من حياة المغاربة.

وأكد أن المشروع يلقى متابعة دقيقة من طرف السلطات بالنظر إلى رمزيته ووقعه المباشر على حياة المواطنين، حيث يُنتظر أن يضع حدا لمعاناة متراكمة منذ سنوات.

في المقابل، أقر المسؤول بأن ملف تعبيد الطريق لم يعرف بعد الانطلاقة الفعلية، مشيرا إلى أن هذا الملف يظل من أعقد الملفات وأكثرها إلحاحا، بالنظر إلى التضاريس الصعبة التي تحيط بالمنطقة وارتفاع الكلفة المالية لمثل هذه المشاريع في الوسط الجبلي.

وأضاف المصدر ذاته، أن السلطات المحلية مستمرة في رفع الملف إلى المصالح المركزية من أجل توفير الاعتمادات الضرورية، لكن المسألة، على حد تعبيره، “تحتاج وقتا أطول وإرادة سياسية قوية لتذليل العقبات”.

أما بخصوص باقي المطالب التي رفعتها المسيرة، خاصة بناء ملعب للقرب وتخفيف القيود على رخص البناء، فقد أوضح المصدر أن “الأمر لم يعرف أي تقدم يُذكر”، مؤكدا أن هذه الملفات لا تزال تراوح مكانها ولم يُسجل فيها أي جديد يذكر حتى الآن، ما يجعل الساكنة تعيش حالة من الترقب الحذر، بين أمل في أن تتحقق الوعود وبين خوف من أن تظل المطالب مجرد شعارات عابرة.

من جانبه، يرى محمد النجاري، الفاعل الحقوقي والمدني في منطقة آيت بوكماز، أن ما تحقق حتى الآن في ملف التغطية الهاتفية والإنترنت يمثل خطوة أولى في الاتجاه الصحيح، لكنه لا ينبغي أن يحجب حقيقة أن الطريق ما يزال طويلاً أمام تحقيق باقي المطالب العادلة للساكنة.

وأوضح النجاري في حديثه لـ “الصحيفة” أن هذه الخدمة رغم رمزيتها، ليست سوى مدخل أولي لكسر عزلة المنطقة، إذ لا يمكن لربط بعض الدواوير بالهاتف النقال والإنترنت أن يُغني عن غياب أبسط شروط العيش الكريم التي ما زالت مؤجلة، من مستشفى مجهز وسيارة إسعاف دائمة، إلى طرق معبدة ومؤسسات تعليمية تليق بأبناء الجبل.

 وأضاف النجاري أن سكان وادي السعادة لا يطالبون بالمستحيل، بل يطالبون فقط بحقوق بديهية تكفلها الدولة لكل مواطنيها، وهو ما يفسر حجم التعبئة التي عرفتها المسيرة الأخيرة، التي لم تكن مجرد حدث احتجاجي عابر، وإنما صرخة جماعية كشفت عمق الإحساس بالتهميش والإقصاء.

وأشار المتحدث إلى أن الأجواء في المنطقة بدت أكثر هدوءا بعد “مسيرة الكرامة”، حيث ساهم فتح قنوات الحوار بين ممثلي الساكنة والسلطات، والالتزامات التي قُطعت في بعض الملفات العاجلة، وعلى رأسها ورش الاتصالات، في تخفيف حدة الاحتقان وتبديد بعض المخاوف.

لكنه  بالمقابل، شدّد على أن هذا الهدوء لا ينبغي أن يُفهم كأنه نهاية الأزمة، لأنه يظل هشّا ومشروطا بمدى سرعة وفعالية التنفيذ، كما أكد أن أي تباطؤ أو تلكؤ في تنزيل المشاريع على أرض الواقع قد يعيد المشهد إلى نقطة الصفر، ويغذي من جديد شعور الساكنة بالخذلان ويؤجج مشاعر الغضب التي هدأت فقط تحت وطأة الانتظار.

وتوقف النجاري عند مفارقة لافتة في وضعية المنطقة، إذ وصف آيت بوكماز بأنها “أجمل وديان الأطلس وأكثرها إغراء للسياحة البيئية”، لكنها في الوقت نفسه “أفقرها من حيث البنيات التحتية والخدمات الأساسية”، معتبرا أن هذه الهوة بين جمال الطبيعة وقسوة الواقع تعكس صورة صارخة عن اختلال ميزان التنمية الترابية في المغرب.

وقال إن استمرار هذا الوضع يُهدد مستقبل شباب المنطقة الذين يجدون أنفسهم بين خيارين أحلاهما مر إما الهجرة نحو المدن الكبرى في ظروف صعبة، أو البقاء في قراهم معانين من الفقر والعزلة.

وختم النجاري تصريحه بالتأكيد على أن آيت بوكماز تقف اليوم أمام لحظة فارقة فإما أن تتحول الوعود المعلنة إلى التزامات فعلية تُعيد الاعتبار للمنطقة وتفتح أفقًا جديدًا لأبنائها، أو أن يظل مسلسل الانتظار مفتوحا على المجهول، ليبقى “وادي السعادة” عنوانا لمفارقة موجعة بين طبيعة ساحرة وساكنة محاصرة بحدود الإهمال.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة