كشفت تقارير إعلامية أن السلطات الجزائرية أوقفت مدير المخابرات المعزول عبد القادر حداد، المعروف بلقب “ناصر الجن”، بعد أسابيع من الجدل والتكهنات حول فراره المزعوم إلى إسبانيا، في واقعة أحدثت صدمة في أعلى هرم السلطة وأعادت خلط الأوراق داخل المؤسسة العسكرية.
ووفق ما أوردته مجلة “لوبوان” الفرنسية في عددها الصادر السبت، فإن توقيف الجنرال حداد، البالغ من العمر 56 عاما، تم الأربعاء الماضي عندما كان في طريقه إلى مكتب خلفه اللواء عبد القادر آيت وعرابي، الملقب بـ”حسان”، حيث أوقفه عناصر من جهاز الأمن الداخلي وأحالوه مباشرة على المحكمة العسكرية بالبليدة التي أمرت بإيداعه الحبس الاحتياطي.
ويأتي هذا التطور وفق المصدر ذاته ليضع حدا لشهر كامل من الغموض أحاط باختفاء الجنرال، الذي ترددت أنباء عن فراره عبر قارب للهجرة غير النظامية إلى سواحل مدينة أليكانتي الإسبانية، وفق ما زعمته صحيفة إلكنفدنسيال الإسبانية، التي تحدثت عن امتلاكه عقارات في إسبانيا وإقامته هناك بين عامي 2015 و2019 هربا من الملاحقات الداخلية.
وبحسب لوبوان، فإن واقعة ناصر الجن تسببت في حالة استنفار داخل أجهزة الدولة الجزائرية، وخلّفت ارتباكاً غير مسبوق في صفوف الجيش والمخابرات، بعد تداول أخبار متضاربة حول مصيره بين الهروب والاعتقال والانتحار، حيث أضافت أن الحادث كشف عن هشاشة التنسيق بين الأجهزة الأمنية وأعاد إلى الواجهة التوترات الداخلية التي تشقّ المؤسسة العسكرية منذ رحيل الفريق أحمد قايد صالح.
الجنرال عبد القادر حداد، الذي تولى قيادة جهاز الاستخبارات الداخلية بين يوليوز 2024 وماي 2025، كان يُعتبر من أبرز المقربين من الرئيس عبد المجيد تبون، بل وكان أحد داعميه الرئيسيين خلال معركة الترشح لولاية ثانية في شتنبر 2024، غير أن قرار إقالته المفاجئة في ماي الماضي أثار الكثير من علامات الاستفهام بالنظر إلى موقعه الحساس وصلاته الوثيقة برأس السلطة.
ويُعد “ناصر الجن” من أكثر الشخصيات الأمنية إثارة للجدل في الجزائر، حيث ارتبط اسمه بملفات شائكة تعود إلى “العشرية السوداء”، بما فيها عمليات اختطاف واغتيالات استهدفت معارضين في الداخل والخارج، كما ورد اسمه في تقارير تتعلق بمحاولات استهداف المعارض هشام عبود في إسبانيا، والناشط أمير بوخرص المعروف بـ”أمير دي زاد” في فرنسا، في إطار مساعي النظام لإسكات الأصوات المعارضة خارج الحدود.
وقد سبق للجنرال عبد القادر حداد أن لجأ إلى إسبانيا عقب إقالته من منصب أمني حساس قبل أن يعود لاحقًا إلى واجهة الأحداث مستعيدًا قيادة جهاز الاستخبارات الداخلية بعد وفاة رئيس الأركان الراحل أحمد قايد صالح، غير أن طريقة هروبه هذه المرة تبدو مختلفة من حيث التوقيت والظروف والدلالات، إذ تعكس حجم الانقسام والصراع الداخلي المحتدم داخل المؤسسة العسكرية الجزائرية، والذي أطاح خلال السنوات الأخيرة بعدد من كبار الجنرالات والمسؤولين الأمنيين.



