دعا المشاركون في يوم دراسي حول موضوع “تثمين العمل المنزلي للنساء بالمغرب: من الاعتراف إلى التمكين”، إلى ضرورة إطلاق ورش وطني شامل وبلورة سياسة وطنية مدعومة بإطار قانوني، لدمج العمل المنزلي ضمن رؤية الدولة الاجتماعية.
وشددت توصيات اليوم الدراسي، الذي نظم بمجلس النواب أول أمس الأربعاء، على الأهمية الحيوية لاحتساب القيمة الاقتصادية الحقيقية لهذا العمل وإدراجها ضمن الحسابات الوطنية، مع مراجعة القانون التنظيمي لقانون المالية لتحقيق هذا الغرض. وتضمنت التوصيات محاور تطوير الحماية الاجتماعية، عبر إقرار تعويضات عن الرعاية داخل الأسرة ووضع نظام خاص للانخراط الطوعي لربات البيوت بشروط تفضيلية.
وفي الجانب الثقافي والتربوي، دعت التوصيات إلى إصلاح المناهج التعليمية وبناء خطاب وطني جديد للمساواة عبر مختلف الوسائط. ولضمان تنفيذ هذه الرؤية، أوصى المشاركون بإحداث لجنة برلمانية خاصة للمراقبة وإصدار تقرير سنوي مشترك لتتبع التقدم المحرز في هذا الورش الوطني الطموح.
وأكد رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، في كلمة خلال افتتاح اليوم الدراسي الذي نظمه مجلس النواب بشراكة مع وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وبدعم من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية، أن موضوع العمل المنزلي للنساء يقع في صميم رؤية الملك محمد السادس، الذي جعل من العدالة الاجتماعية والمساواة ركيزتين أساسيتين لبناء الدولة الاجتماعية الحديثة.
وشدد العلمي، في كلمة ألقتها نيابة عنه نائبة الرئيس زينة إدحلي، على أن إدراج العمل المنزلي ضمن منظومة الاعتراف الاقتصادي والاجتماعي ليس مطلبا حقوقيا فحسب، بل هو اختيار يعكس عمق المشروع المجتمعي المغربي الرامي لتحقيق الإنصاف والتوازن، مؤكداً أن المجلس يظل الفضاء الطبيعي لهذا الحوار الوطني.
من جانبها، شددت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، نعيمة ابن يحيى، على أن الملك محمد السادس يولي عناية خاصة لضمان تمتع النساء بجميع حقوقهن، مبرزة أن المغرب قطع؛ انسجاما مع المقتضيات الدستورية والتوجيهات الملكية السامية، أشواطا مهمة في مسار الإصلاحات الحقوقية والمؤسساتية الرامية إلى تعزيز تمكين النساء وحمايتهن من العنف والإقصاء.
وأكدت الوزيرة ضرورة المضي قدما في التشريعات القانونية، مشيرة إلى أن تثمين العمل المنزلي يفتح آفاقا واسعة في هذا الصدد، مستعرضة أرقاما دالة للمندوبية السامية للتخطيط، التي قدرت مدة عمل المرأة بالمنزل بنحو 4 ساعات و46 دقيقة يوميا، وأن القيمة الاقتصادية لهذا العمل تصل إلى 513 مليار درهم، ما يؤكد الضرورة الملحة للاعتراف بهذا المجهود، داعية إلى مزيد من العمل للوصول إلى اعتراف شامل بـ “العمل غير المرئي”.
وقالت ابن يحيى إنه “مع ما تفرضه المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية أصبح من الضروري إعطاء الاعتبار لكل مجهود من أي طرف كان وتثمينه، والاعتراف بالعمل غير المرئي الذي تنجزه ملايين النساء في المنزل، أو خارج المنزل بدون أجر”، مؤكدة أنه “أصبح من الضروري ملاءمة القوانين مع العهود والاتفاقيات الدولية التي انخرط فيها المغرب، ومن ضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.
وأكد اليوم الدراسي، الذي عرف مشاركة ممثلين عن مجلس النواب والقطاعات الحكومية والمجتمع المدني وأكاديميين مختصين، ضرورة احتساب القيمة الاقتصادية للعمل المنزلي وإدماجه كعمل منتج ضمن أسس بناء اقتصاد الرعاية الوطني، بالإضافة إلى الحاجة الماسة إلى تغيير التمثلات الاجتماعية النمطية للمرأة عبر الإعلام والتربية.



