طلبت منها إبعاد المتورطين في الفساد عن لوائحها.. الداخلية تُنهي صياغة القوانين الانتخابية وتستعد لاجتماع جديد مع الأحزاب

admin14 أكتوبر 2025آخر تحديث :
طلبت منها إبعاد المتورطين في الفساد عن لوائحها.. الداخلية تُنهي صياغة القوانين الانتخابية وتستعد لاجتماع جديد مع الأحزاب


علمت “الصحيفة” من مصادر مطّلعة، أن وزارة الداخلية دخلت مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على مسودّات القوانين الانتخابية الجديدة استعدادا لفتح مشاورات موسّعة مع زعماء الأحزاب السياسية خلال الأيام القليلة المقبلة، قبل إحالتها على الأمانة العامة للحكومة قصد تنقيحها ووضعها فوق طاولة المجلس الحكومي على أبعد تقدير قبل نهاية الشهر المقبل للمصادقة عليها.

الخطوة، تأتي في سياق تنفيذ التوجيهات الملكية الصريحة التي تضمّنها خطاب العرش الأخير حين دعا الملك محمد السادس إلى تسريع وتيرة إصلاح المنظومة الانتخابية، وإخراج الترسانة القانونية الكفيلة بضمان انتخابات نزيهة وشفافة تعيد الثقة للمواطنين وتؤسس لمرحلة جديدة من الممارسة السياسية.

وكلف العاهل المغربي وزارة الداخلية، في شخص الوزير عبد الوافي لفتيت، بالإشراف الكامل على التحضير للاستحقاقات التشريعية لسنة 2026 بدل رئيس الحكومة عزيز أخنوش، مانحًا بذلك “أم الوزارات” أدوارا إضافية تتجاوز الجوانب الأمنية والإدارية المعتادة، ليدفع بها إلى واجهة التنظيم السياسي للعملية الانتخابية في مرحلة دقيقة تسبق محطة اتخابية مفصلية ستسفر عن تشكيل حكومة جديدة ستحمل على عاتقها مسؤولية الإعداد لمونديال 2030.

ووفق ما أسرته مصادر مسؤولة لـ “الصحيفة”، يرتقب أن تعقِد وزارة الداخلية جولة ثانية من الاجتماعات مع زعماء الأحزاب الكبرى لتسليمهم نسخ المسودّات النهائية، قصد الاطلاع عليها وإبداء الملاحظات بشأنها، على أن تتم لاحقا إحالتها على البرلمان فيما ستتولى لجنتا الداخلية في مجلسي النواب والمستشارين دراسة النصوص وتقديم التعديلات قبل المصادقة النهائية عليها، لتُنشر في الجريدة الرسمية قبل نهاية السنة الجارية أو مطلع السنة المقبلة على أقصى تقدير.

وحسب المعطيات المتوفرة، فقد وجّهت وزارة الداخلية إشارات واضحة إلى الأحزاب تطالبها بعدم تزكية أي من المتابعين في قضايا فساد أو المشتبه بتورطهم في جرائم انتخابية، حيث تضمّ قائمة المعنيين نحو 50 برلمانيًا حاليًا، إضافة إلى أكثر من 100 منتخب محلي وجهوي.

وشدّدت الداخلية على ضرورة الالتزام الصارم بالقانون في منح التزكيات، ملوّحة بالاستعانة بالمادة 108 من قانون المسطرة الجنائية لتفعيل وسائل المراقبة والتتبّع، بما في ذلك التنصّت الهاتفي المشروع ورصد التحويلات المالية المشبوهة وتقارير أعوان السلطة لجمع المعطيات حول الأشخاص المشتبه تورطهم في إفساد العملية الانتخابية.

وشرعت الوزارة، في إعداد خطة دقيقة لمراقبة حركة الأموال التي تُستعمل بكثافة في شراء أصوات الناخبين، خاصة داخل الأوساط الفقيرة والمعوزة، حيث سيتم تتبع الودائع البنكية والتحركات المالية غير الاعتيادية، إضافة إلى مراقبة الأموال المخزّنة نقدًا داخل الفيلات والضيعات الفلاحية.

وفي السياق نفسه، وُجّهت تعليمات إلى أعوان السلطة بمباشرة مراقبة ميدانية لصيقة، لضمان عدم استغلال حملات الإحسان العمومي أو التبرعات الاجتماعية في تمويل حملات انتخابية مبطنة، إذ يأتي ذلك بعد ملاحظات صادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، الذي سجّل في تقاريره السابقة وجود مصاريف انتخابية ضخمة بدون فواتير قانونية وهبات تتجاوز السقف المسموح به قانونيًا.

وتستعد وزارة الداخلية لإطلاق حملة وطنية تحسيسية تتضمن منشورات وإعلانات رسمية، تُحذّر المرشحين من الإقدام على شراء الذمم أو استعمال المال للتأثير على إرادة الناخبين، كما ستتيح رقما هاتفيا خاصا لتلقي بلاغات المواطنين حول أي عملية فساد انتخابي، مع ضمان السرية الكاملة لهويتهم وتشجيعهم على الإبلاغ عن التجاوزات.

من جهة ثانية، ورغم تأكيد جميع الفرقاء السياسيين على أهمية تخليق الحياة الانتخابية، إلا أن الأحزاب لم تتفق بعد على صياغة “ميثاق شرف” موحّد يمنع المفسدين من الترشح، وهو ما تعتبره مصادر مطلعة ثغرة قد تُفرغ الجهود من مضمونها فالأموال الضخمة التي تُضخّ لشراء المقاعد في البرلمان بغرفتيه وفي المجالس الجهوية والمحلية والغرف المهنية، تُقدّر بالملايير وهي مبالغ – كما تقول المصادر – كفيلة بتمويل مشاريع للشباب العاطلين أو دعم مبادرات المقاولة الذاتية بدل تبديدها في السباق الانتخابي.

وتأتي هذه الخطوات في وقت تتزايد فيه الانتقادات لغياب الشفافية عن المشهد السياسي، وتراجع ثقة الشباب في العملية الانتخابية، حيث تراهن الدولة على أن تكون الاستحقاقات المقبلة محطة لاستعادة الثقة المفقودة بين المواطن والمؤسسات، وأن تفرز نخبا جديدة نظيفة اليد وقادرة على الاستجابة لانتظارات الشارع المغربي الذي عبّر عن غضبه في أكثر من محطة خلال الشهور الأخيرة.

ويقرأ مراقبون هذه الدينامية كجزء من استراتيجية ملكية أشمل لإعادة ترتيب الحقل السياسي على أسس جديدة تجعل من الكفاءة والنزاهة والمصداقية معايير حقيقية للوصول إلى مواقع القرار، بدل منطق الولاءات والزبونية الذي نخر المشهد لسنوات. 

ومن المنتظر أن يشكّل الإصلاح المرتقب اختبارا حاسما للأحزاب السياسية في مدى استعدادها لتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والسياسية، وفي قدرتها على تجديد نخبها واستعادة ثقة الجيل الجديد الذي قاد موجات احتجاجية رقمية تطالب بالكرامة والعدالة الاجتماعية والشفافية في تدبير الشأن العام.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة