لأنه خارج دوائر التعاملات مع إيران وإسرائيل.. المغرب بمنأى عن ارتدادات العاصفة اللوجستيكية في الشرق الأوسط

admin1 يوليو 2025آخر تحديث :
لأنه خارج دوائر التعاملات مع إيران وإسرائيل.. المغرب بمنأى عن ارتدادات العاصفة اللوجستيكية في الشرق الأوسط


في خضم الاضطرابات المتصاعدة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط خلال الأسبوعين الماضيين، والتي انعكست بشكل مباشر على حركة النقل والتجارة الدولية، يبدو أن المغرب، خلافا لدول الجوار نجح في تفادي تداعيات هذه العاصفة اللوجستيكية وفق ما أكدته فريحة سعاد، مديرة تطوير الأعمال بشركة JTTL المتخصصة في النقل الدولي واللوجستيك، مؤكدة أنه أظهر قدرة عالية على التكيف مع التوترات الجيوسياسية المتسارعة في وقت تواجه فيه دول كبرى في المنطقة اختناقات حادة في سلاسل الإمداد، وارتفاعات صاروخية في أسعار الشحن.

وأوضحت فريحة سعاد، مديرة تطوير الأعمال بشركة النقل واللوجستيك الدولية JTTL، في تصريح مفصل مع موقع”Fresh Plaza” المتخصص في أخبار التجارة الدولية للمنتجات الفلاحية، أنه رغم الأزمة الأمنية التي اندلعت مجددا في الشرق الأوسط خلال الأسبوعين الأخيرين والتي كانت لها تبعات حادة على خطوط النقل البحري والجوي، خاصة في دول كإيران وإسرائيل ومحيطهما الإقليمي، فإن المغرب ظل خارج دوامة الارتباك، محافظا على وتيرة مستقرة في صادراته الزراعية.

وأكدت سعاد، من موقعها كفاعلة في قطاع النقل الدولي، أن المغرب لم يسجل أي ارتباك في صادراته، لا من حيث ارتفاع الأسعار ولا من حيث توافر الحاويات أو إغلاق خطوط الملاحة، موردة أن ”الوضع الإقليمي غير مستقر، لكن من منظورنا كفاعلين في مجال النقل والتصدير، فإن الصادرات الفلاحية المغربية لم تشهد أي تغييرات كبرى أو اختناقات خلال الأسبوعين الماضيين.. المغرب لا يربط علاقات تجارية كثيفة مع الدول المتأثرة بشكل مباشر بالأزمة، مثل إيران أو إسرائيل، والتي تشهد اليوم تعليقا شبه كامل لحركة النقل البحري والجوي، وإغلاقا للموانئ والمطارات”.

في المقابل، لا يخفي التقرير الذي نشره Fresh Plaza حجم التوترات التي يواجهها المصدرون في مصر، والذين باتوا مجبرين على دفع تكاليف شحن مضاعفة بنسبة 100% مقارنة بالفترة التي سبقت الأزمة، إلى جانب معاناة شديدة من نقص الحاويات وتقلص قدرة الموانئ على الاستيعاب، فيما هذه الأوضاع أرخت بظلالها على صادرات فلاحية كبرى مثل المانغو، التي تعرف ذروتها في هذه الفترة.

وتميز فريحة سعاد، بين أثر الأزمة الحالية في الشرق الأوسط، وتأثير أزمة البحر الأحمر التي انفجرت مع نهاية 2023، عندما بدأت سفن الشحن العالمية تتفادى المرور من قناة السويس بسبب التهديدات الأمنية المتزايدة، وتحوّلت نحو مسار بديل عبر رأس الرجاء الصالح، فرغم أن هذا التحوّل رفع تكاليف الشحن نحو آسيا، تؤكد سعاد أن “السوق المغربية استطاعت استيعاب هذا التغيير الهيكلي، وتكييف عملياتها اللوجستيكية مع المعطيات الجديدة”.

وزادت المتحدثة ضمن لتصريح ذاته: “لم نلاحظ ارتفاعا كبيرا في الأسعار خلال الأسبوعين الأخيرين.. صحيح أن الصادرات المغربية نحو آسيا تظل مكلفة، نظرا لمسار رأس الرجاء الصالح، لكن هذه الوضعية أصبحت هي ‘الوضع الطبيعي الجديد’ بعد أزمة البحر الأحمر، وليست طارئة أو ناتجة عن المستجدات في الشرق الأوسط”.

وتشير المسؤولة بشركة JTTL إلى أن المغرب، على عكس عدد من الدول التي تعاني من ندرة في الحاويات البحرية، لم يعرف أي اختناق أو خصاص في الحاويات أو في قدرة الشحن، بل ظل يشتغل بوتيرة عادية ومستقرة مضيفة: “لا توجد ندرة في الحاويات أو ارتباك في عمليات التصدير. من وجهة نظري، إذا اعتبرنا أن ما بعد أزمة البحر الأحمر هو القاعدة الجديدة، فإننا نستطيع القول إن صادرات المغرب الفلاحية تشتغل في ظروف شبه طبيعية، رغم التوترات القائمة”.

وفيما يخص المبادلات التجارية بين المغرب ومصر، أوضحت سعاد أن الوضع يظل غامضا نسبيا في ما يتعلق بمدى تأثره بالأزمة، خصوصا وأن موسم المانغو المصري يُعد من أبرز الفترات في التبادل الزراعي،  لكنها أشارت إلى أن أغلب الشحنات تتم مباشرة بين شركات الملاحة، دون وسطاء دوليين في النقل، مما يجعل معرفة درجة التأثير مسألة غير دقيقة حاليا، موردة: “أغلب عمليات الشحن بين المغرب ومصر تتم عبر خطوط مباشرة، وليس عن طريق شركات النقل الدولية الوسيطة، لذلك لا يمكن تأكيد حجم التأثير في هذه المرحلة”.

ولم تكتفِ فريحة سعاد في بعرض المعطيات التقنية المرتبطة بالأزمة الحالية، بل حرصت أيضا على إبراز البعد الاستراتيجي للوجستيك ضمن منظومة الصادرات المغربية، خاصة في المجال الفلاحي، فقد أصبحت سلاسل الإمداد، في نظرها، عنصرا حاسما في قدرة المغرب على المنافسة الدولية، وفي تعزيز موقعه كمورد موثوق ومستقر رغم التوترات المتكررة على الساحة العالمية.

وتابعت: “اللوجستيك والتخليص الجمركي لم يعودا مجرد خدمات مرافقة، بل أصبحا عنصرا مركزيا في دينامية التصدير.. في JTTL، نحرص على تقديم حلول موثوقة ومتكاملة للمصدرين والمستوردين المغاربة، ونعتبر أن دورنا ليس تقنيًا فقط، بل استراتيجيًا في دعم تموقع المغرب على الساحة التجارية الدولية”.

وكانت الشركة قد شاركت في الدورة 2025 من المعرض الدولي للفلاحة بمكناس (SIAM)، لتكون أول شركة متخصصة في النقل الدولي تشارك في هذا الحدث، في خطوة رمزية تؤكد تقاطع اللوجستيك مع الفلاحة كقطاعين مترابطين في رسم مستقبل الصادرات المغربية.

من جهة ثانية، لا يمكن فهم أداء المغرب في هذا السياق من زاوية الصدفة أو محدودية التأثر فقط، فصمود سلاسل التصدير المغربية يعكس دينامية استباقية في بناء بنية تحتية لوجستيكية متينة، واستراتيجية مرنة في التعامل مع التحولات الجيوسياسية، وبينما تتحول مناطق بأكملها إلى نقاط اختناق تجاري، يظهر المغرب كفاعل قادر على الالتفاف على الأزمات، وتحصين موقعه التصديري.



Source link

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة