قالت صحيفة “بانوراما” الإيطالية إن “التحالف” الثلاثي الذي يجمع الجزائر وإيران وجبهة البوليساريو يشكل مصدرا خطيرا لعدم الاستقرار في عدة مناطق، كشمال إفريقيا والساحل والبحر الأبيض المتوسط، مع ما يحمله ذلك من تداعيات مباشرة على أمن أوروبا.
وأضافت الصحيفة في تقرير نشرته أمس الثلاثاء، أن الجزائر ظلت لعقود تُقدم دعما واسعا لجبهة البوليساريو على المستويات المالية واللوجستية والسياسية، حيث وفرت لقيادة الحركة الانفصالية ملجأ وحماية داخل مخيمات تندوف القريبة من الحدود مع المغرب.
وأشارت “بانوراما” الطرف الثالث في هذا “المثلث” حسب تعبيرها، ويتعلق الأمر بإيران، التي سبق أن هددت خلال الحرب مع إسرائيل بإمكانية إغلاق مضيق جبل طارق، وهو التهديد الذي لم يعد مجرد دعاية، وفق الصحيفة الإيطالية، بل أصبح اليوم أكثر واقعية في ظل تقارير عن تعاون متزايد بين البوليساريو وحزب الله.
ونقلت الصحيفة الإيطالية في هذا السياق ما جاء في تقرير لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات “FDD” الذي تحدث عن تلقي مقاتلين من البوليساريو لتدريبات في سوريا على يد حزب الله لدعم نظام بشار الأسد، وهو ما يعكس خطورة الروابط بين الجبهة والمليشيا اللبنانية المدعومة من إيران.
وذكّرت الصحيفة الإيطالية في تقريرها بأن المغرب قطع علاقاته مع إيران سنة 2018 بعد اتهامها بإرسال صواريخ إلى البوليساريو عبر سفارتها في الجزائر وبوساطة حزب الله، كما كشفت الرباط في 2022 عن تزويد الجبهة بطائرات مسيّرة إيرانية.
وأضافت أن الهجوم الصاروخي الذي استهدف في نونبر 2024 مهرجانا لإحياء ذكرى المسيرة الخضراء قرب الحدود المغربية شكّل “استفزازا مباشرا”، خاصة مع تأكيد الرباط أن الهجوم انطلق من الأراضي الجزائرية.
وترى الصحيفة أن دعم الجزائر للبوليساريو لا يقتصر على بعده الانفصالي، بل يتيح في الوقت ذاته لطهران وحزب الله اختراق شمال إفريقيا، ما يضاعف من مخاطر الفوضى في منطقة مهددة أصلا بالتنظيمات الجهادية في الساحل.
واستشهدت بانوراما بحالة عدنان أبو الوليد الصحراوي، العضو السابق في “البوليساريو” الذي أصبح زعيما لتنظيم “داعش” في الصحراء قبل مقتله سنة 2021 في مالي على يد القوات الفرنسية، معتبرة أنها مثال على تحول مخيمات تندوف إلى خزّان لتجنيد الجهاديين.
كما لفتت إلى الوضع الإنساني المأساوي في مخيمات تندوف، حيث يعيش عشرات الآلاف من اللاجئين الصحراويين منذ عقود في ظروف قاسية، مع تقارير متكررة عن اختلاس المساعدات الدولية لصالح الآلة العسكرية للبوليساريو.
وأبرزت الصحيفة أن هذا “التشابك الثلاثي” بين الدعم الإيراني والرعاية الجزائرية والتغلغل الجهادي يهدد المصالح الغربية بشكل مباشر، ما دفع مؤسسة “FDD” إلى دعوة واشنطن للإسراع في فتح قنصلية الداخلة، تعبيرا عن دعمها للسيادة المغربية المعترف بها رسميا من الولايات المتحدة عام 2020.
كما اقترحت المؤسسة إدراج جبهة البوليساريو في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية بالنظر إلى أنشطتها المسلحة وصلاتها بالشبكات المتطرفة، وهو ما من شأنه أن يغير قواعد التعامل معها دوليا.



