أثار تسريب فيديوهات متعلقة بالمجلس الوطني للصحافة موجة استياء في البرلمان، حيث أعرب نواب برلمانيون عن قلقهم من تجاوزات اللجنة المؤقتة المنتهية صلاحيتها، مؤكدين أنها لم تنجز مهامها القانونية وألحقت أضراراً بالصحافة الحرة والمستقلة. ودعا النواب الحكومة إلى فتح تحقيق عاجل، وإصلاح قانون المجلس الوطني للصحافة، وضمان استقلالية الصحافة وحماية الأخلاقيات المهنية.
ومن جهته قال عبد الصمد حيكر، النائب البرلماني عن المجموعة النيابية للعدالية والتنمية، اليوم الإثنين بجلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، إنه لا تفوته المناسبة للتعبير باسم المجموعة عن التضامن المبدئي مع الصحفي حميد المهداوي، على إثر “ما تعرّض له من “مجازر” بائسة تُرتكب باسم القانون وباسم هيئات كان من المفروض أن تحمي الأخلاق”.
وتابع حيكر مخاطبا الوزير “افتعلتم أزمة تتعلق بإعادة انتخاب المجلس الوطني للصحافة، وأحدثتم هيئة مصطنعة هي “اللجنة المؤقتة”، ومدّدتم لها، لكنها لم تُنجز المهام الموكولة إليها. واليوم، انتهت صلاحيتها الدستورية والقانونية، والأخلاقية، والمهنية.
وطالب بتقديم إجابة واضحو حول ما إن كانت الوزارة “ستفتح تحقيقاً في الوقائع التي كشف عنها الفيديو المسرب؟ نحن أمام إساءات خطيرة للجسم القضائي والسلطة القضائية، وللهيئات المهنية للمحاماة، ولمهنة الصحافة، وإساءة للوطن، في زمن ما بعد 31 أكتوبر”.
وشدد حيكر على أن “اللجنة انتهت صلاحيتها، فبأي حق تستمر في التداول؟ هل ستتخذ الوزارة أي إجراء في هذا الاتجاه؟”، مضيفا أن مشروع إعادة انتخاب المجلس الوطني للصحافة انتصر لطرف واحد، وإن الأعضاء الذين ظهروا في الفيديو جزء من هذه المنظومة، وجئتم بمقتضيات ستُفضي إلى تركيبة “على المقاس” تُسيء إلى الصحافة الحرة والمستقلة، وإلى الصحافة الاستقصائية التي تكشف الحقيقة للمغاربة”.
وأبرز أن “هذه اللجنة المؤقتة لم تُنجز أي مهمة من المهام القانونية الموكولة إليها، بينما ارتكبت “مجازر” في حق الصحافة في هذا البلد”، مضيفا أن هذه الأمور لم يعد مسموحاً بها منذ دستور 2011، فكيف بما بعد 31 أكتوبر.
ومن جهته قال علال العمراوي، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، إن فريقه يعلن أسفه العميق “لما حدث بخصوص اجتماع ما سُمّي بـ”اللجنة الأخلاقية” للمجلس الوطني للصحافة. كنا دائماً نتطلّع إلى أن يكون الجسم الصحفي الوطني جسماً قوياً يحافظ على القيم الوطنية، كما ناضلت من أجل ذلك رموز كبيرة.. فالصحافة ليست مجرد مهنة، بل رسالة نبيلة وسلطة رابعة ذات بعد قيمي كبير”.
وأردف أن الديمقراطية الوطنية لا يمكن أن تكون قوية إلا بصحافة نزيهة تحمل رسالة أخلاقية واضحة، مضيفا “نتأسف، في الآن نفسه، لمنطق التسريبات الذي أصبح يمسّ عمل المؤسسات العمومية، بصرف النظر عن الحالات”.
وأبرز العمراوي أن “الوقت حان لإخراج القانون المنظّم للمجلس الوطني للصحافة حتى نتجاوز حالة الفراغ التي تعيشها المؤسسة، وتقوم بأدوارها الدستورية والقانونية والأخلاقية”.
ومن جهتها قالت نادية تهامي النائبة البرلمانية عن فريق التقدم والاشتراكية أنه “سبق أن نبهناكم عند مناقشة المشروع القانوني المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة إلى خطورة إخضاع أخلاقيات المهنة لمنطق المال والمصالح والولاءات والمعاملات. وقلنا لكم إن ما تعيشه اليوم الصحافة يمسّ المكتسبات الوطنية في مجال حرية الرأي والتعبير والتنظيم الذاتي. لكنكم، للأسف الشديد، لم تُصغوا”.
وتابعت تهامي أنه “واليوم تنفجر قضية رأي عام خطيرة، تظهر ما يجري وراء الستار، بعد أن ظهرت بالصوت والصورة أمور صادمة اعترفت بها اللجنة الأخلاقية المنتهية الصلاحية، في مواجهة قضايا تتعلق بمهنة الصحافة. وقد يكون ما خفي أعظم”.
وأردفت المتحدثة ذاتها “ليس من حقكم التنصّل من المسؤولية السياسية. عليكم توضيح الأمور للرأي العام حول هذا المشروع القانوني “المشؤوم”، وإرجاع الأمور إلى نصابها، وفتح تحقيق”.
وبدورها، أفادت فاطمة التامني، النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار، “تكلمتم عن تقوية المؤسسات، وكان من المفروض أن تتحرك وزارتكم بالوضوح والسرعة اللازمين أمام فضيحة التسريبات الأخلاقية. فمن يحمي الأخلاقيات عندما تتحول المؤسسة المعنية إلى ساحة لحسابات ضيقة؟ ومن يعزز ثقة الرأي العام ومصداقية المؤسسة حين تصبح على المحك في قطاع حساس، يفترض أن يكون نموذجاً في الحكامة؟”، معبرة عن تضامنها “مع جميع المتضررين من الانتهاكات الأخلاقية والديمقراطية التي أصابت مؤسساتنا، للأسف”.



